في سابقة من نوعها بالمغرب قررت الحكومة الجديدة إحداث بطاقة إلكترونية ذكية تشتمل على معطيات مفصلة وحيوية للحالة الصحية لصاحبها. هذه البطاقة التي تشبه بطاقات الاعتماد المصرفية تحتوي على المعطيات الطبية لحاملها والمُخزنة في الرقيقة المعالجة (Puce).بموجبها سيجري تجميع المعطيات الصحية والطبية للمرضى، لاستثمارها في دراسة ملفات التأمين الإجباري عن المرض والاستفادة من الخدمات الصحية، في إطار مشروع توسيع التغطية الصحية وتتبع المسار العلاجي أو الجراحي للمعنيين بالأمر.
لذلك قررت الحكومة توفيرها لكل مغربي، بحلول سنة 2024، وتشتمل المعطيات المسجلة في البطاقة على معلومات إدارية (مثل الحالة المدنية لحامل البطاقة، وشركة التأمين الصحي المنخرط فيها…)، كما تحتوي على المعطيات الصحية الملحة (مثل فصيلة الدم، وأنواع الأمراض، والعلاج المُتبع، والأمراض المزمنة). وتتضمن البطاقة أيضا متابعة لملف المريض، مثل سوابق الأعراض المرضية والفيزيولوجية، وكذا لائحة أهم العلاجات الطبية التي تلقاها حامل البطاقة. بالإضافة إلى ذلك تتضمن البطاقة الذكية معطيات حول المريض وتاريخه المرضي، بما في ذلك الأدوية والفحوصات والعمليات الجراحية، التي خضع لها، ما يساهم في تقوية اليقظة الدوائية، وتفادي المضاعفات الجانبية لبعض الأدوية أو لبعض الفحوصات أو التدخلات الطبية دون وجود ضرورة ملحة لذلك، للمحافظة على صحة المريض والصحة العامة.
كما تسمح بالتعويض عن تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء وحجز المواعيد، وفقا لمعطيات مجمعة معلوماتيا، يمكن الاطلاع عليها أو دراستها عبر برنامج معلوماتي خاص، يجمع بين معطيات الجهات المقدمة للعلاجات في القطاع العام أو الخاص، بما في ذلك التوقيع الإلكتروني والأتعاب المستحقة عن الخدمات الصحية.. وبتسهيل فحص المعطيات المتعلقة بالمريض، يمكن تفادي بطء الإجراءات، ونقل المعلومات بصفة جزئية بين مختلف المسؤولين في المجال الصحي، والتأخير الناجم عن ذلك. كما يمكن الحيلولة دون تكرار الخدمات الطبية، وهي كلها عوامل تثقل كاهل نظام التأمين الصحي إذ تحمله المزيد من النفقات.
ووصفت مصادر، ارتأت عدم الكشف عن اسمها وصفتها، هذه البطاقة بأنها من أفضل مشاريع عمل الحكومة الحالية، تحمل الكثير من الإيجابيات للمريض ولتطوير المنظومة الصحية في المغرب، بالنظر إلى أنها ستكون آلية عمل جديدة، إلا أن انطلاقتها الأولى ستصاحبها مجموعة من الصعوبات والإكراهات الواقعية. ومن ضمن هذه الاكراهات، توقع مجموعة من ممارسي الطب لتضررهم من عدم تعويضهم عن أتعابهم، سواء المتعلقة بالاستشارات الطبية أو باقي التدخلات الطبية الأخرى، أو تعرضهم لتأخير في استخلاص هذه الأتعاب والتعويضات بينما يتحملون مصاريف والتزامات منتظمة خلال الشهر لتسديد نفقاتهم تجاه مساعديهم وتجاه باقي المصاريف التي تتطلبها ممارسة الطب، توضح المصادر. كما أشارت المصادر ذاتها إلى إكراهات أخرى ترتبط بالتكوين في المجال المعلوماتي والتوفر على اللوجستيك الضروري له، ما يستوجب الاستعداد لعمليات التكوين والتكوين المستمر لجميع المتدخلين المعنيين بتعبئة الاستمارات وإدخال المعلومات الخاصة بالمرضى، سواء من الجسم الصحي أو الأطر الإدارية المكلفة بدراسة المعطيات المرسلة واستصدار أجوبة عنها، لكسب رهان ربح الوقت والجهد في التعاطي مع المعطيات الإلكترونية. عدا ذلك، أكدت المصادر ذاتها أهمية المعطيات الواردة في البطاقة لضمان الشفافية في المعاملات الطبية وفي إثبات جدارة الممارسين أو مكامن الضعف لديهم لتحديد المسؤوليات العلاجية، سواء بالنسبة إلى المريض أو الطبيب، ما يجعلها آلية تجمع ما بين ضمان سلاسة الولوج إلى الخدمات الصحية والتوزيع الأمثل للأدوية المدعمة ومحاربة مظاهر الاختلالات الإدارية المحتملة في الآن نفسه. ولصون مكتسب مشروع العمل بالبطاقة الذكية في المجال الصحي، أوصت المصادر بضرورة توفير آليات مواكبة لحماية الأطباء والمؤسسات الصحية من أي احتمالات لرفض ملفات التعويض لأسباب إدارية، ما يتطلب تفعيل المقتضيات القانونية الخاصة بتبسيط المساطر ومراجعة بعض آجال تعبئة الملفات، لا سيما منها التي ترتبط بآجال ذات طبيعة صحية، تفرضها حالة المريض، توضح المصادر. كما ستسمح البطاقة الصحية الذكية باستفادة المرضى من التغطية الصحية باعتماد رقم تسلسلي رقمي، الذي ستفرضه عملية توسيع التغطية الصحية الشاملة، يساعد على تحديد صفة المعني بالأمر وتعبئة مختلف المعطيات الخاصة به للاستفادة من صرف التعويض الصحي، وذلك دون وجود حاجة إلى تعبئة استمارات ورقية، في مقابل تعزيز التواصل معه عبر البريد الإلكتروني، دون إلغاء التعامل بالبريد العادي عند وجود ضرورة لذلك، تضيف المصادر.