موقع بريطاني:
قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست في تقرير بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، الذي يديره، إن “انقلاب” الرئيس التونسي قيس سعيّد ستكون أيامه معدودة، لمعارضة الدول الغربية له وكذلك الجارة القوية الجزائر، بالإضافة لتركيا رغم الدعم الذي يجده من مصر ودولة الإمارات.
ونقل هيرست عن مصدر جزائري، وصفه بالرفيع، قوله “ليس لهذا الانقلاب أفق للنجاح. طالبنا قيس سعيّد بالتفاوض مع الغنوشي، ونعرف بالضبط كيف نفّذ المصريون والإماراتيون هذا الانقلاب. لا نريد أن نرى حفتر آخر في تونس. لا نريد أن نرى حكومة في تونس تابعة لهذه القوى”.
وأكد الكاتب أن هذا “الانقلاب” يفقد الزخم ولا يحصل على الدعم الذي يحتاجه لإدارة البلاد، وتدرك دوائر أوسع، وأوسع من التونسيين في الداخل، الآن من الذين يديرون الدولة والحكومة والقضاء.
وأضاف أن الدعم المالي الخارجي لقيس سعيّد غير محتمل، وهو أمر مهم لبلد صغير مفلس مثل تونس، التي لا تستطيع دفع فاتورة أجور القطاع العام الضخمة وتدين بسداد ديون خارجية بلغت 6 مليارات دولار مستحقة الدفع هذا العام وحده.
ونقل هيرست عن مصادر تونسية وإيطالية أن سفراء من ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة طلبوا من الرئيس التونسي إعادة البرلمان بأسرع ما يمكن، وأن الأميركيين منعوه من تنظيم مسيرة حاشدة لصالح الاستيلاء على السلطة، ونقلوا جميعهم رسائل دعم إلى راشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس حزب النهضة، بالإضافة إلى قادة حزبيين آخرين.
وقال الكاتب إن سعيّد قد يميل إلى تجاهل كل هذا، الآن بعد أن يعتقد أن لديه تأكيدات من مصر ودولة الإمارات بأنهم سيمولونه، “لكن قبل قبول هذه الوعود المالية على أنها حقيقية، عليه أن يسأل السودانيين عن تجربتهم مع مثل هذه الوعود”.
وأكد الكاتب أن الجزائر هي التي يجب أن يقلق سعيّد بشأنها أكثر. فتونس بلد صغير لديه جيران كبار، “لا مصر ولا الإمارات، من نظمتا ومولتا هذا الانقلاب على التوالي” ضمن الجيران الذين يجب أن يقلق الرئيس التونسي بشأنهم.
وقال إن “الجزائر تعتبر تونس ساحتها الخلفية وبوابتها إلى طرابلس، ولها مصلحة إقليمية واضحة في الأحداث في كل من تونس وليبيا. وبعد أن فشل الإماراتيون في ليبيا، يحاولون الآن تحقيق الغايات نفسها في تونس، أو على الأقل هكذا يراها الجزائريون”.
مصدر جزائري رفيع: طالبنا قيس سعيّد بالتفاوض مع الغنوشي، ونعرف بالضبط كيف نفّذ المصريون والإماراتيون هذا الانقلاب. لا نريد أن نرى حفتر آخر في تونس. لا نريد أن نرى حكومة في تونس تابعة لهذه القوى ،وأشار الكاتب أن الحكومة التركية تشعر بالقلق كذلك إزاء الأحداث في تونس، لأسباب ليس أقلها الشعور بأن الانفراج الأخير بين مصر والإمارات مع أنقرة يمكن أن يكون حيلة لإلهاء تركيا عن الفعل الحقيقي، الذي كان تحركا ضد تونس.
لكن في تونس العاصمة، يقول هيرست، سعيّد لا يستمع، والدبلوماسيون الإيطاليون يشكون من أنه لا يفهم أن الديمقراطية تعددية، ولا يتعلق الأمر باعتباره زعيما شعبويا ضد النواب الذين يتهمهم بالفساد.
ولفت هيرست الانتباه إلى أنه في عام 2019، عندما كان سعيّد مرشحا رئاسيا ويتحدث عن الفساد، أجرى مقابلة تحدث فيها بصراحة عن خططه. وعندما طُلب منه وصف برنامجه الانتخابي، أجاب سعيد “لقد اقترحت مشروعا لسنوات لنظام جديد… يجب أن يكون هناك فكر سياسي جديد ونص دستوري جديد”.
وأضاف سعيّد -في تلك المقابلة- أنه في حال فوزه بالرئاسة سيتخلص من الانتخابات التشريعية، مشيرا إلى أن “الديمقراطية البرلمانية في الدول الغربية مفلسة ووقتها انتهى.. انظروا إلى ما يجري في فرنسا مع السترات الصفراء وفي الجزائر والسودان، الأحزاب مقدر لها أن تنقرض. انتهى عصرهم.. قد يستغرق موتهم بعض الوقت، لكن بالتأكيد في غضون سنوات قليلة، سينتهي دورهم. سوف تنقرض التعددية من تلقاء نفسها.. لقد دخلنا حقبة جديدة في التاريخ. هذه هي الثورة الجديدة”.
ثم سأله الصحافي المحاور “هل المشكلة مع الأحزاب أم مع التونسيين الذين لا يقرأون؟” ورد سعيد عليه بقوله “المشكلة هي الأحزاب. لقد انتهى دورهم”.
كما أعرب عن نيته الواضحة في التضييق على منظمات المجتمع المدني في تونس، مشيرا إلى أنه لديه “مشروعا يهدف إلى إنهاء الدعم لجميع الجمعيات، سواء من داخل تونس أو من الخارج لأنها تستخدم كوسيلة للتدخل في شؤوننا”.
وختم هيرست مقاله بالقول إذا كان سعيد لا يستمع، فإن المزيد والمزيد من التونسيين من حوله، سيتضررون من أسلوبه في الحكم. فهذه ليست مجرد معركة ضد رئيس شمولي أو برلمان يهيمن عليه الإسلاميون، فقد أصبح التونسيون حاليا يتساءلون إلى أين يقودهم سعيد تونس. وكان موقع “ميدل إيست آي” كشف في مايو/ أيار الماضي عن خطة لقيس سعيّد للقيام بـ”انقلاب ناعم”