تحولت قاعة اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الثلاثاء 8 أكتوبر الجاري، إلى منبرٍ للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية، بعدما أجمعت غالبية الوفود المشاركة على دعم مبادرة الحكم الذاتي كحلٍّ جاد وواقعي لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
فمن أصل 49 مداخلة عُرضت أمام اللجنة، أعلن 27 متحدثًا تأييدهم الصريح للمقترح المغربي الذي تقدّمت به المملكة سنة 2007، مؤكدين أنه ينسجم تمامًا مع مبادئ السيادة الوطنية ووحدة الدول كما نص عليها ميثاق الأمم المتحدة. واعتبر هؤلاء أن مبادرة الحكم الذاتي تجسّد نموذجًا متقدّمًا في تدبير الشأن المحلي تحت السيادة المغربية، وتمنح سكان الأقاليم الجنوبية الحق في تسيير شؤونهم في إطار ديمقراطي وتنموي.
وأشاد المتدخلون بالنهضة التنموية المتسارعة التي تعرفها الأقاليم الجنوبية، حيث أصبحت مدينتا العيون والداخلة رمزين للنهضة الاقتصادية والاستثمارية، ونموذجين للحكامة المحلية الرشيدة واحترام حقوق الإنسان.
وفي مداخلة قوية، شدّد الخبير الدولي محمود الرحمن أنور، رئيس الاستشارة الدولية لحقوق الإنسان بجنيف، على أن حماية السيادة الوطنية من الحركات الانفصالية تُعدّ شرطًا أساسيًا لضمان الحقوق والتنمية، مندّدًا بالانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها “جبهة البوليساريو” في حقّ سكان مخيمات تندوف، والذين يعيشون أوضاعًا مأساوية في ظل غياب إحصاء رسمي.
من جانبها، أكدت إحدى ممثلات المجتمع المدني الإفريقي أن الأقاليم الجنوبية تحولت إلى مختبر إفريقي للتنمية والابتكار، بفضل المشاريع الكبرى التي أطلقها المغرب في مجالات الطاقات المتجددة، والفلاحة الذكية، والذكاء الاصطناعي، ما يجعل التجربة المغربية نموذجًا قارّيًا للتنمية المستدامة.
كما دعا عدد من المتدخلين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى إجراء إحصاء دقيق لسكان مخيمات تندوف تحت إشراف الأمم المتحدة، من أجل وضع حدّ للانتهاكات الإنسانية والسياسية التي يتعرض لها المحتجزون هناك.
واختُتمت الجلسة بتوافقٍ واسع حول كون مبادرة الحكم الذاتي المغربية تمثل التزامًا سياسيًا وإنسانيًا من أجل السلم والاستقرار الإقليمي، في وقتٍ تتآكل فيه الأطروحة الانفصالية أمام المدّ الدولي المؤيد للمغرب وواقعية مشروعه التنموي المتكامل في الصحراء. ؟
يُبرز هذا الإجماع الدولي داخل أروقة الأمم المتحدة تحوّلًا نوعيًا في التعاطي مع قضية الصحراء المغربية، حيث لم يعد النقاش يدور حول مشروعية السيادة المغربية، بل حول سُبل تفعيل مبادرة الحكم الذاتي كخيار وحيد واقعي وعملي لإنهاء النزاع. ويعكس هذا التوجه اتساع دائرة التأييد الدولي للموقف المغربي الذي يقوم على الواقعية السياسية والرؤية التنموية المتوازنة، في مقابل انحسار الأطروحة الانفصالية التي فقدت الكثير من مصداقيتها أمام الحقائق الميدانية والإنجازات التنموية في الأقاليم الجنوبية.
إنّ الدينامية الدبلوماسية التي يقودها المغرب تحت الرؤية الملكية السديدة تؤكد أن قضية الصحراء لم تعد فقط ملفًا سياسيا، بل أصبحت نموذجًا للتنمية الإقليمية والالتزام بالاستقرار الإفريقي والعالمي. فبينما يرسّخ المغرب حضوره كفاعل مسؤول داخل المنتظم الدولي، تواصل المملكة كسب المزيد من الدعم لقضيتها الأولى بفضل وضوح رؤيتها ومصداقية مبادرتها، بما يجعل الحكم الذاتي ليس مجرد مشروع لحل نزاع إقليمي، بل رافعة استراتيجية لتعزيز الأمن والسلم والتنمية في القارة الإفريقية.









