تشهد مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري واحدة من أسوأ صور الانتهاكات في العصر الحديث، حيث يعيش آلاف المحتجزين في ظروف قاسية تتسم بـالحرمان الممنهج من الحقوق الأساسية، وانعدام حرية التنقل والتعبير، في ظل منع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من إجراء إحصاءات رسمية لتحديد العدد الحقيقي للساكنة، وهو ما يثير تساؤلات عميقة حول النوايا الحقيقية للجهات التي تتحكم في هذه المخيمات.
وفي خضم هذه المعاناة، تتواتر التقارير الدولية التي تكشف عن تجنيد قسري للأطفال، والتلاعب بالمساعدات الإنسانية الموجهة من المجتمع الدولي، والتي يتم تحويلها لأغراض سياسية أو عسكرية تخدم أجندات انفصالية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والمعايير الإنسانية التي تضمن حماية اللاجئين وكرامتهم.
وفي المقابل، يقدم المغرب نموذجاً إنسانياً وتنموياً مغايراً في أقاليمه الجنوبية، حيث يعيش المواطنون في مناخ من الحرية والمشاركة السياسية الفاعلة، من خلال مؤسسات منتخبة ديمقراطياً، وبرامج تنموية ضخمة غيرت وجه الصحراء المغربية. هذا النموذج المتوازن يعكس رؤية الملك محمد السادس القائمة على الدمج الاجتماعي، واحترام الحقوق، وتحقيق التنمية المستدامة في إطار مشروع وطني موحد ومتكامل.
وتؤكد هذه المفارقة بين تندوف والأقاليم الجنوبية أن القضايا الإنسانية لا يمكن أن تُحوَّل إلى منصات سياسية أو دعايات أيديولوجية. فالمعاناة البشرية يجب أن تُواجَه بالمسؤولية والضمير، لا بالاستغلال والمزايدة.
إن الضمير الإنساني المشترك يفرض اليوم على المجتمع الدولي أن يتعامل بجدية مع هذه الانتهاكات، وأن يتبنى مقاربة عادلة ومسؤولة تضع كرامة الإنسان في صلب أي حل، بعيداً عن الحسابات الضيقة والمصالح السياسية العابرة.
فـالكرامة لا تُجزّأ، والعدالة الإنسانية لا تعرف حدوداً.