مستجدات

العنف الرقمي ضد النساء.. جريمة صامتة تدفع ضحاياها نحو حافة الانتحار

[ALLNEWS]18 سبتمبر 2025
العنف الرقمي ضد النساء.. جريمة صامتة تدفع ضحاياها نحو حافة الانتحار

العنف الرقمي ضد النساء.. جريمة خفية تدفع ضحاياها نحو الانتحار وتكشف هشاشة الحماية الرقمية

هاشــم الخياطــي

“في شأن الشابة المنحدرة من مدينة خنيفرة، التي أقدمت على وضع حد لحياتها من خلال “تجرع سم الفئران”، بعدما كانت ضحية لجريمة التشهير بصورها بفضاءات التواصل الرقمية، من قبل مجهولين.”

يشهد الفضاء الرقمي اتساعاً مقلقاً لظاهرة العنف الإلكتروني الموجَّه ضد النساء والفتيات، في شكل تنمّر وابتزاز وتشويه للسمعة، ما يخلّف آثاراً نفسية واجتماعية بالغة الخطورة. وتؤكد تقارير حقوقية أنّ بعض الضحايا يصلن إلى مرحلة التفكير في الانتحار أو حتى الإقدام عليه، نتيجة الضغط النفسي والعزلة التي يولدها هذا النوع من العنف غير المرئي.

هذه الواقعة الخطيرة، التي باتت تتكرر في أكثر من سياق، تدق ناقوس الخطر بشأن هشاشة الحماية الرقمية للنساء، وتكشف فراغاً قانونياً وأمنياً ما زالت تعاني منه العديد من الدول. فالجرائم الإلكترونية تُمارَس في الخفاء، وغالباً ما تفلت من العقاب بسبب صعوبة تتبّع مرتكبيها أو غياب آليات التبليغ الفعّال.

ويرى خبراء أنّ استمرار الصمت إزاء هذه الظاهرة قد يفاقم الكلفة الاجتماعية والنفسية، ليس فقط على الضحايا المباشرات، بل أيضاً على أسرهن والمجتمع ككل. وهو ما يستدعي من السلطات المعنية التحرك العاجل لإقرار سياسات زجرية ورقابية، موازاة مع برامج توعية وتربية رقمية، تُمكّن النساء من الدفاع عن حقوقهن في فضاء يُفترض أن يكون آمناً.

إن العنف الرقمي لم يعد مجرّد سلوك هامشي في العالم الافتراضي، بل صار جريمة صامتة تتسلّل إلى الحياة اليومية للنساء، محطّمةً توازنهن النفسي ومهدّدة حقهن في العيش الكريم

لم يعد العنف ضد النساء والفتيات يقتصر على الشارع أو فضاءات العمل والأسرة، بل تمدّد إلى العالم الرقمي الذي يُفترض أن يكون مساحة للحرية والتعبير. غير أنّ هذا الفضاء بات يحمل وجهاً مظلماً، حيث تتعرض النساء لسلسلة من الانتهاكات الإلكترونية: تنمّر، ابتزاز، تشويه السمعة، نشر صور ومعلومات خاصة دون إذن… وهي ممارسات تتخذ طابعاً صامتاً لكنها تُخلف آثاراً نفسية واجتماعية قد تصل في بعض الحالات إلى التفكير في الانتحار أو الإقدام عليه.

تكشف منظمات نسائية عن قصص لفتيات ونساء عشن كابوس العنف الرقمي؛ إحداهن اضطرت لترك دراستها بعد تسريب صور شخصية عبر منصات التواصل، وأخرى فكرت في وضع حد لحياتها بعدما تحولت حياتها اليومية إلى جحيم من الابتزاز والفضيحة. هذه الشهادات، التي غالباً ما تبقى في الظل بسبب وصمة العار والخوف من التبليغ، تؤشر إلى حجم الظاهرة وخطورتها المتصاعدة.

تقارير صادرة عن منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تؤكد أنّ واحدة من كل ثلاث نساء تعرّضت لشكل من أشكال العنف الرقمي. أما في المنطقة المغاربية والعربية، فالأرقام غير دقيقة بسبب ضعف آليات الرصد، لكن المؤشرات الميدانية تشير إلى تفاقم الوضع، خصوصاً مع الانتشار السريع للهواتف الذكية وتطبيقات التواصل الاجتماعي.

رغم إقرار بعض الدول لقوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية، إلا أن فعاليتها تبقى محل تساؤل. فالقوانين غالباً ما تفتقر إلى آليات واضحة لحماية النساء، وتُصعّب مساطر التبليغ والإثبات، مما يترك الضحايا عرضة لمزيد من العنف. وفي حالات كثيرة، تنتهي الشكايات بالحفظ أو التسوية غير المنصفة، وهو ما يعزز شعور المعتدين بالإفلات من العقاب.

في مواجهة هذا الفراغ، تبادر جمعيات نسائية وحقوقية إلى إطلاق حملات توعية وتكوين للنساء والفتيات حول سبل الحماية الرقمية، إضافة إلى الضغط من أجل تشديد العقوبات وتوفير خطط حماية آنية للضحايا. غير أنّ هذه الجهود تظل محدودة أمام غياب إرادة سياسية قوية لمعالجة الملف بعمق.

تتجاوز انعكاسات العنف الرقمي حدود الضحايا المباشرات لتطال أسرهن ومحيطهن. إذ يولّد هذا النوع من العنف حالات اكتئاب، قلق، عزلة اجتماعية، وانهيار علاقات أسرية. كما يكرّس صورة المرأة ككائن هش يسهل استهدافه في الفضاء الرقمي، وهو ما يعيق مشاركتها في الحياة العامة والسياسية.

التحقيقات الحقوقية تؤكد أن استمرار الصمت الرسمي يُعدّ بمثابة مشاركة غير مباشرة في الجريمة. لذلك، فإن السلطات مطالبة باتخاذ إجراءات حازمة تشمل:

  • تحديث القوانين بما يضمن تجريم جميع أشكال العنف الرقمي.
  • تعزيز آليات التبليغ والحماية لضمان سرية وأمان الضحايا.
  • توسيع برامج التربية الرقمية لرفع الوعي المجتمعي.
  • تعاون دولي لتتبع الجرائم العابرة للحدود عبر المنصات العالمية.( الصور توضيحية)

 

الاخبار العاجلة
error: تحذير: المحتوى محمي