يقــول الخبــر الــذي طالعني هــذا الصبــاح في الشــريط الإخبــاري لإحدى من التفاصيل، ربما للحفاظ على ســرية التحقيقات، إذ تحتمل الفضائيــات: القبض على قط في إحدى الجماعات الترابية بتهمة الســرقة.
هكذا جاء الخبر.. وخاليا مقتضبــا، يتبعها ومن نافلة القول أن أســاليب التحقيق الحديثة كفيلة باعتراف القط، أو أن يكون الهر المذكور من هررة المافيا، ولذلك يحتمل أن يكون له شركاء، أو خلية الهر المذكور بجميع التهم المنســوبة وغير المنســوبة إليه، وقد يصل كرم الهر مع ، بل مجرد فــأر… اغتر بكذبته حتى صدقها، جميع القطط ، وذلك بتشــجيع من قوى خارجية هدفها نهب قمامة البلدية ، مما دفعه إلى الاعتراف أمام المحققــين بأنه فــي الحقيقة ليس هرا ماهرا في السرقة.
القط المذكور ســيظهر في ما بعد على شاشات التلفزيون الحكومي، ولن يعرف النــاس أنــه هر إلا مــن كلام المذيع، فلا مــواء، ولا مخالب، ولا حتــى فرو يغطي هيكله الشاحب، الأشبه بفزاعة ســيقول القــط بصــوت مبحوح..أنه تلقــى أموالا مــن جهات قططية ، ، وتلقى خارطة طريق من الذين ّجندوه للقيام بهذا الجرم ، وسيصل به الاعتراف الكاذب إلى القول بأن الشعار القططي العظيم: “يا قطط البلديات اسرقوا فما فاز إلا السراق” .. والغريب في الأمر أن القط البلدي المذكور استغنى عن دوره الطبيعي وهو مهاجمة الفئران
حيث بدأ يتقاسم معها فتاة الموائد والولائم وحتى النفايات.
هو من إعداد تلك الأيادي الخفية. وفي ســياق اعترافاته المثيرة حول اللصوصية التي ســيدلي بهــا مطأطأ الذيل..ســيقول أنه قبل تلك السرقة الملعونة ، خضع لعدة دورات تدريبية على المواســير الصحية، الجهات (الخفية ، والأزقــة الضيقة حول فنون التســلق، والتخفــي، ونبش حاويات وطريقته في التسلل إلى جميع مكاتب ومرافق مقر البلدية الصحية وغيرها،
وفي سياق اعترافاته.. سيمثل جريمته، وسيظهر بثياب سوداء، وهو يتسلل وقد غطى مخالبه بقفازات ســوداء أيضا ّ ليســرق ما تيســر لــه دون أن يترك البصمات.
ســيبدي ندمه الشــديد على مــا اقترفت مخالبه وفي نهاية الاعترافات طبعا شرور ليس أقلها: الإساءة إلى العمل الانتخابي العظيم، تلك الانتخابات القططية بامتيــاز، الذي تعبر فيــه القطط عن مواهبهــا الكبيرة في ملاحقــة القطط الشبقة، وحفلات المواء والموائد الباذخة ، التي تحيل ليالي المجون إلى سيمفونيات خالدة تفخر بها جميع قطط المدينة المنتخبة .
ســيحاكم القــط الحرامي بعدالة تحســده عليها حتــى الفئران، وســيعدم رميا بالنعال، ولكن أموال الشــعب، ســتبقى مواربة الأبواب، ومنهوبة باستمرار، للســبب نفســه: تلك الأيــادي الخفية ، العفنة ، التــي لم ولن تســتطيع كل أجهزة ودائما الرصد الحديثة كشف سرها الغامض في السرقة ونهب القمامات في واضحة النهار.
ويظهر القط أخيرا ودائما حسب التحقيق ، أنه مستشار جماعي بكل مواصفات القطط السمينة ، التي تلتهم كل شيء حتى البنزين ، ومواد النظافة إن اقتضى الحال وهلم جرا، ويبقى القط متماديا في السرقة إلى أن تنتهي مدة تمثيله لمجموعة من القطط ، التي زكته في منصبه ، يمثلها أحسن تمثيل في السرقة والنهب من قمامة الجماعة الغنية بفضلات الضرائب وما جاورها.