نشأت مشكلة الحدود الجنوبية بين المغرب والجزائر عام 1، 950 عندما ضمت سلطات الاستعمار الفرنسي منطقتي تندوف وبشار إلى الأراضي الجزائرية، في حين طالب المغرب باسترجاع المنطقتين بعد استقلاله عام 1956.
لم تلتفت باريس إلى المطالب المغربية، وبادرت عام 1957 بإقرار منظومة إدارية جديدة للصحراء، واقترحت على المغرب بدء مفاوضات لحل الإشكال الحدودي.
لكن المرحوم الملك محمد الخامس طيب الله تراه، رفض العرض الفرنسي، مؤكدا أن المشكل الحدودي سيحل مع السلطات الجزائرية بعد استقلالها . ووقعت الرباط يوم 6 يوليو 1961 اتفاقا مع فرحات عباس، رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية آنذاك ، يعترف بوجود مشكل حدودي بين البلدين، وينص على ضرورة بدء المفاوضات لحله مباشرة بعد استقلال الجزائر.
كانت فرنسا تريد من وراء مقترحها الاستعماري وقف دعم المغرب المستمر للثورة الجزائرية، حيث كان يستضيف قادة الثورة وخاصة بمدينة وجدة شرق البلاد، كما كانت الرباط توفر إمدادات السلاح للثوار الجزائريين، وهو ما كان يقض مضجع الاحتلال الفرنسي ،الذي دبر هذا المشكل للمغرب لثنيه عن تقديم المساعدات المادية والبشرية للأشقاء الجزائريين .
وبعد أن نجح ثوار الجزائر في طرد المستعمر الفرنسي ، وإعلان استقلال البلاد عام 1962، بادر أحمد بن بلة، أول رئيس للجزائر، لتأكيد على أن التراب الجزائري جزء لا يتجزأ لبلاده ، ومن هنا بدأت تظهر مطامع الجزائر والهيمنة على الأراضي المغربية المتاخمة للحدود الجزائرية .
وقام المرحوم الملك الحسن الثاني رحمه الله-الذي خلف أباه في الحكم بعد وفاته عام 1961- بأول زيارة إلى الجزائر يوم 13 مارس 1963، حيث ذكّر الرئيس بن بلة بالاتفاق الموقع مع الحكومة الجزائرية المؤقتة ،بشأن رسم الحدود بين البلدين التي افتعلها الاستعمار الفرنسي.
ويؤكد المستشار الملكي الراحل عبد الهادي بوطالب، الذي رافق الحسن الثاني في تلك الزيارة، أن الرئيس بن بلة طلب من ملك المغرب تأجيل مناقشة الأمر إلى حين استكمال بناء مؤسسات الدولة الحديثة ، وهو ما اعتبر هذا الرد بمثابة سياسة لربح الوقت ،ومحاولة صرف المغرب عن المطالبة المشروعة باسترجاع أراضيه.
لكن سرعان ما اندلعت حرب إعلامية بين المغرب والجزائر، حيث قالت إن الرباط لديها نية توسعية، فيما رأى المغرب في الاتهامات الجزائرية المدعومة إعلاميا من طرف مصر، التي تبحث عن امتداد لها في منطقة المغرب العربي، عناصر قلق تهدد وحدة البلاد.
تطورت الأحداث بعدها بشكل متسارع، حيث شنت عناصر من القوات الجزائرية يوم 8 أكتوبر 1963 هجوما مسلحا على منطقة حاسي بيضا ،قتل فيه عشرة عناصر من الجيش المغربي الموجود بالمركز العسكري للبلدة.
بعدها سارعت الرباط إلى إرسال أكثر من وفد رسمي إلى الرئيس الجزائري بن بلة للاحتجاج على تلك الهجمة وغيرها من الهجمات ، التي اتهمت الرباط أطرافا جزائرية بالقيام بها على مناطق حدودية جنوبا وشمالا ، وتؤكد الرواية الرسمية المغربية أن تلك الوفود لم تجد لها آذانا صاغية في الجزائر.
لم يتوصل الجانبان إلى أي حل تفاوضي أو دبلوماسي، مما أذكى نار البلاغات ، واندلعت الحرب في أكتوبر 1963، حيث استمرت لأيام معدودة قبل أن تتوقف المعارك في 5 نوفمبر 1963، بعد أن نجحت جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية في التدخل السريع ، من أجل توقيع اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار في 20 فبراير 1964.
تسببت الحرب في نشوء توتر مزمن أصاب علاقات البلدين حتى بعد مجيئ رئيس جديد للجزائر هواري بومدين ، الذي قاد انقلابا على نظام أحمد بن بلة عام 1965. وازداد الوضع تعقيدا بعد تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء عام 1975، التي شارك فيها نحو 350 ألف شخص دخلوا إلى مناطق بالصحراء، منهيا بذلك وجود الاستعمار الإسباني في المنطقة.مما زاد من مخاوف الجزائر على استرجاع المغرب لمناطقه المتاخمة لحدود الجزائر بنفس الطريقة .وبقي الوضع على ما هو عليه إلى أن زرعت الجزائر في أراضيها مجموعة من المرتزقة يدعون تحرير الصحراء المغربية ، وظل المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها ، وجميع المغاربة وراء عاهلهم المفدى الملك البطل محمد السادس ، من أجل دحض مزاعيم الجزائر الرافضة لكل حوار ثنائي يخدم مصلة الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري .