مستجدات

قرأنا لكم اليوم: استراتيجيات التحكم والتوجيه العشر لتشومسكي

[ALLNEWS]27 نوفمبر 2021
قرأنا لكم اليوم: استراتيجيات التحكم والتوجيه العشر لتشومسكي

في قراءة تحليلية تفكيكية ميكروسكوبية للأستاذ والفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي، للمخطط العالمي لدوائر النفوذ داخل مقرات صناعة القرار من أجل تدجين البشر والتحكم في المجتمعات والسيطرة على الشعوب.

في التسعينات من القرن الماضي، نشر المفكر وعالم اللغويات الأمريكي نعوم تشومسكى مقالة بالغة الأهمية بعنوان “استراتيجيات التحكم والتوجيه العشر”، وقد طرح تشومسكى في هذه المقالة عشر استراتيجيات بالغة الذكاء تعتمدها دوائر النفوذ في العالم، عبر وسائل الإعلام. من أجل التلاعب بجموع الناس وتوجيه سلوكهم والسيطرة على أفكارهم وأفعالهم في مختلف بلدان العالم. وقد كتب تشومسكى هذه المقالة اعتمادا على وثيقة سرية للغاية يعود تاريخها إلى عام 1979. تم العثور عليها بطريق الصدفة في عام 1986. وتحمل عنوانا مثيرا هو “الأسلحة الصامتة لخوض حروب هادئة” Silent Weapons for Quiet Wars ..   وهي عبارة عن كتيب أو دليل إرشادي لتدجين البشر والتحكم في المجتمعات والسيطرة على الشعوب، كتبه بعض كبار الساسة والرأسماليين والخبراء في مختلف المجالات.  ورغم أن هذه الوثيقة السرية تذكرنا ببروتوكولات الحكماء ، وطريقة العثور عليها تثير الكثير من التساؤلات. مثل تلك التي أثارها نشر البروتوكولات، فإن فيها كذلك الكثير من الخطط الخطيرة التي تكشف أن من أعدها لم يكن أقل خبثا ممن أعد البروتوكولات، وبصرف النظر عن صحة هذه الوثيقة أو عدم صحتها، فإنها في الحقيقة تستحق النظر والتأمل، فقد نجد فيها تفسيرا لأشياء كثيرة تحدث في واقعنا الذي نعيشه اليوم، والاستراتيجيات العشر للتحكم في الشعوب التي وضعها تشومسكى بناء على تلك الوثيقة هي:

أولا –  استراتيجية  الإلهاء : تقول هذه الاستراتيجية إن وظيفة وسائل الإعلام هي إلهاء الشعب عن الوصول إلى معلومات صحيحة حول التغيرات والقضايا الهامة التي تقررها النخب السياسية والاقتصادية .. عن طريق إغراق الناس بسيل متواصل من وسائل الترفيه في مقابل نقص المعلومات وندرتها، كتب تشومسكي يقول: “حافظوا على اهتمام الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية ، أجعلوه مفتونا بمسائل لا أهمية حقيقية لها، بقوا الجمهور مشغولا، مشغولا، مشغولا، لا وقت لديه للتفكير، وعليه العودة إلى الحظيرة مع غيره من الحيوانات” ..

ثانيا – استراتيجية افتعال المشاكل وتقديم الحلول : وتبدأ هذه الاستراتيجية بخلق مشكلة ما بحيث تصبح حديث الناس في المجتمع عن طريق وسائل الإعلام .. حتى يندفع الشعب ليطلب حلا لها ، على سبيل المثال : ترك الانفلات الأمني يتزايد أو السماح بوقوع عمليات إرهابية .. حتى يطالب الشعب بقوانين أمنية مشددة على حساب حريته، أو خلق أزمات اقتصادية يصبح الخروج منها مشروطا بقبول الحد الأدنى من الحقوق الاجتماعية، ويتم طرح تلك الحلول الموضوعة مسبقا ومن ثم قبولها .، على أنها شر لا بد منه ..

ثالثا –  استراتيجية  التدرج : فلضمان قبول ما لا يمكن قبوله .. يكفى أن يتم تطبيقه تدريجيا على مدى زمنى طويل .. وبهذه الطريقة فُرضت ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة شكلت تحولات جذرية في المجتمعات الغربية، مثل الليبرالية الجديدة بين الثمانينات والتسعينات، وما رافقها من زيادة رهيبة في لا معدلات البطالة، ورواتب ضعيفة لا تضمن الحياة الكريمة للأفراد، وهشاشة في البنية التحتية للمجتمع، فالكثير من التغيرات، إذا ما طبقت بشكل فورى وفجائي، تدفع لحدوث ثورة شعبية عارمة، لذلك يتم تمريرها تدريجيا وعلى مراحل وعلى مدى سنوات عديدة .. بحيث يتكيف المواطن مع التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولا يثور.

رابعا – استراتيجية  التأجيل : وهى طريقة أخرى لتمرير قرار لا يحظى بشعبية كبيرة عن طريق تقديمه باعتباره “دواء مؤلم ولكن ضروري” .. ويكون ذلك بكسب موافقة الشعب في الحاضر على تطبيق شيء ما في المستقبل، ذلك لأنه من الأسهل دائما قبول القيام بالتضحية في المستقبل عوضا عن التضحية في الحاضر أولا لأن المجهود لن يتم بذله في الوقت الحاضر تفادى التضحية المطلوبة في المستقبل. وأخيرا فإن الوقت سيسمح للشعب أن يعتاد فكرة التغيير ويقبلها طائعا مستسلما عندما يحين أوانها.

خامسا – مخاطبة أفراد الشعب كما لو كانوا أطفال صغار: فلتضليل الشعب ، لا بد من استعمال لغة ذات طابع طفولي فيا لخطاب الإعلامي، وكأن المشاهد طفل صغير أو يعاني إعاقة عقلية. وهكذا يكون رد فعل البالغين كرد فعل الأطفال الصغار، لأن وسائل الإعلام غرست فيهم ذلك ، كتب تشومسكي يقول: “إذا خاطبنا شخصا كما لو كان طفلا فيسن الثانية عشر، فستكون لدى هذا الشخص إجابة أو ردة فعل مجردة من الحس النقدي بنفس الدرجة التي ستكون عليها إجابة أو ردة فعل الطفل ذي الاثنا عشر عاما”.

سادسا – استثارة  العاطفة بدلا من استخدام العقل : إن الأمر الذى لا شك فيه هو أن العاطفة تتغلب على العقل في كثير من الأحيان .. عند كثير من البشر، وهذا ما تستفيد منه وسائل الإعلام من خلال أسلوبها الكلاسيكىي في استعمال سلاح العاطفة لتعطيل التحليل المنطقي، وبالتالي الحس النقدي للأفراد، وذلك من خلال التحدث عن العقائد أو العادات أو التقاليد التي يمتلك الناس التزاما عميقا تجاهها، فيدخل الأفراد في حالة من اللاوعي وعدم التفكير إذا ما تم التعدي على أي من هذه المعتقدات بدرجة تثير عندهم المخاوف والانفعالات.

سابعا – إبقاء الشعب في حالة دائمة من الجهل والضعف : فيجب أن يبقى الشعب غير قادر على فهم العلوم المتقدمة والتكنولوجيا الحديثة من أجل السيطرة عليه واستعباده .. وتبدأ هذه الاستراتيجية من نوعية التعليم التي تقدمها المدارس الحكومية والتي يتعلم فيها أبناء العامة. فيجب أن تكون نوعية التعليم الذى يتوفر للطبقات الدنيا سطحيا وسيئا، بحيث تحافظ على الفجوة التي تفصل بين النخبة والعامة، وأن تبقى أسباب الفجوة مجهولة وغير مفهومة من قبل الطبقات الدنيا.

ثامنا – تشجيع  الشعب على الرضا بالمتوسط : بمعنى تشجيع الجمهور على أن ينظر بعين الرضا إلى كونه جاهلا وغبيا ومبتذلا ،وهنا تلعب وسائل الإعلام دورا كبيرا ف تدهور مستوى الذوق العام ،وانحطاط مستوى الثقافة العامة .. وانتشار الجهل والغباء والابتذال، وتخويف العامة من المعرفة، وتشجيع الجمهور على التعامل مع كل هذا وقبوله فيصبح عاملا محفزا على ارتكاب الجريمة والعنف والشذوذ الجنسي

تاسعا – تقوية الشعور بالذنب واللوم الذاتي : حيث تعمل وسائل الإعلام على جعل كل فرد في المجتمع يظن أنه هو المسئول الوحيد عن فشله وتعاسته .. وعدم حصوله على فرص جيدة في النظام الاقتصادي، وذلك لنقص ذكائه، وضعف قدراته، وخموله وعدم حصوله على المؤهلات التي تسمح له بذلك. وهكذا بدلا من أن يثور الفرد على النظام الاقتصادي، يستسلم للواقع ويحط من ذاته ويحقرها ويغرق نفسه في الشعور بالذنب، مما يخلق لديه حالة من الاكتئاب تؤثر سلبيا على نشاطه اليومي وبدون نشاط أو فاعلية لا تتحقق الثورة .

عاشرا – معرفة  الأفراد أكثر من معرفتهم لأنفسهم : فعلى مدى الأعوام الخمسين الماضية ،نتج عن التقدم السريع في العلوم اتساع الفجوة بين المعارف التي تملكها العامة وتلك التي تملكها وتستخدمها النخب الحاكمة ،فبفضل علم الأحياء وعلم النفس التطبيقي توصل “النظام العالمي” إلى معرفة متقدمة للكائن البشرى ، على الصعيدين العضوي والنفسي وبالتالي تمكن هذا “النظام” من معرفة الإنسان العادي أكثر مما يعرف نفسه .. وهذا يعنى أنه في معظم الحالات يسيطر “النظام” على الأفراد ويتحكم بهم أكثر من سيطرتهم على أنفسهم.
 من هو (فرام نعوم تشومسكي (Avram Noam Chomsky) (ولد في 7 ديسمبر 1928 فيلادلفيا، بنسلفانيا) هو أستاذ لسانيات وفيلسوف أمريكي ،إضافة إلى أنه عالم إدراكي وعالم بالمنطق ومؤرخ وناقد وناشط سياسي. ويوصف تشومسكي أيضاً بأنه “أب علم اللسانيات الحديث” كما يُعد شخصية رئيسية في الفلسفة التحليلية.) 

الاخبار العاجلة
error: تحذير: المحتوى محمي