حالة من القلق تستبد بمجموعة من الفلاحين والعاطلين والطلبة والتلاميذ، بمنطقة جبل زرهون وأحواز مكناس ، بسبب الخسائر الفادحة التي ألحقتها الحشرة القرمزية ، بمحصول ثمار شجرة الصبار، أو ما يعرف بالتين الشوكي لمدة تزيد عن سبع سنوات خلت، والذي يعتبر من أهم المداخيل المالية االموسمية لبعض الأسر بهذه المناطق ، التي تعد في نظر جميع أبنائها منطقة منكوبة ، حيث لا وجود لأي معمل أو مصنع يمكنه أن يشغل اليد العاملة العاطلة وما أكثرها بهذه المنطقة.
فلا حديث هذه الأيام بمدينة مكناس ونواحيها ،إلا عن اختفاء العربات المدفوعة لبيع فاكهة الصبار على غير عادتها ، فالكل يتساءل عن عدم ظهور هذه الفاكهة على جنبات الطرق في هذا الوقت بالذات ،والتي كانت تأتي من بعض المناطق المغربية ، مثل مراكش والرحامنة وقلعة السراغنة ودكالة وبعض مدن الجنوب.
والذي لم يفهمه المواطن هو اختفاء هذه الفاكهة من الأسواق، حيث أن بعض المنتجين ردوا أسباب ذلك إلى تلك الحشرة القرمزية ، التي غزت مساحات كبيرة من أشجار الصبار والتهمت محاصيلها، إذ تتغذى بشراهة على “أظلافه ” ، وتمتص ماء ه وتنسج حوله بعض الخيوط ، إلى أن يظهر سائل أحمر قاني رديء ، لا يمكنه أن يصلح كملون غذائي طبيعي كما هو معمول به في بعض دول أمريكا اللاتينية ، مما أدى إلى جفاف واصفرار هذه “الأظلاف “،وإتلاف الشجرة بكاملها ، التي بقيت واقفة على شكل أطلال وانتهى بها المطاف إلى العقم ، لتبقى منطقة زرهون ومكناس ونواحيهما خالية من هذه الفاكهة لسنوات عجاف.
ومع ذلك ، لا زالت هذه الشجرة تقاوم ولم تستسلم ولم تيأس ، حيث تظهر عليها بعض “الأظلاف ” الصغيرة خضراء يانعة ، ما تلبث أن تصاب هي الأخرى وتحترق بهذه الحشرة المجهولة المصدر، والتي قضت نهائيا على هذه الفاكهة منذ ما يزيد عن سبع سنوات ، التي كانت إلى عهد قريب مصدر مكمل غذائي ، ومورد مالي لفلاحي المنطقة ، التي لم ينفع معها أي مبيد للحشرات ، ودون أي تدخل يذكر من الوزارة الوصية بهذه المناطق ، اللهم بعض الاستثناءات لم تؤد إلى نتيجة مرضية. وربما سيستمر الحرمان ويمتد إلى سنوات أخرى ، ولا بشائر في الأفق للحد من هذه الآفة بجهة فاس ـ مكناس حسب رأي أحد المتتبعين.
لكن أحدا آخر أضاف وقال هناك أبحاث حتيتة أجريت مؤخرا على ما يفوق 3 مئة نوع من الصبار بمنطقة قلعة السراغنة ،اختير منه 8 أصناف يمكن لها مقاومة هذه العشرة ،وهنا ك أبحاث أخرى تجرى على مستوى الحشرة نفسها، لمعرفة الظروف التي تساعدها على التكاثر .وأكد أن هناك زراعة ما يناهز 20 ألف هكتار بأشجار الصبار ، في انتظار الوصول إلى مئة و20 ألف هكتار أخرى في أفق 10 سنوات قادمة .
لكن المواطن بمنطقتي زرهون ومكناس والنواحي يتساءل : عن أي مخطط أخضر يتحدثون ؟ إذا كانت حشرة صغيرة لم يستطيعوا إبادتها ،أو العجز عن زراعة أشجار الصبار أخرى في مناطق محصنة من هذه الحشرة الفتاكة . إن زراعة أشجار الصبار لا تحتاج إلى مجهود كبير يضيف أحد المتتبعين ، والبداية ستكون من خلال زرع لوحات خالية من الأمراض ، التي قد تنتج ثمارا خلال ثلاث سنوات الأولى من عمرها. ولا تحتاج إلى سقي ولا إلى سماد، ثم تداوم الإنتاج سنويا دون أي تعهد من الفلاح ، وبدون أي مصاريف إضافية ، يكفيها مياه الأمطار لتصير طازجة ما بين شهر يونيه وشتنبر في أغلب المناطق، لتصبح مصدر رزق ومكمل غذائي ، ، وعلاجا طبيا يستعمل في عدة مجالات لتحسين وظائف الجسم وفيه مزايا أخرى كاستخلاص الزيوت الباهظة الثمن. تدخل في عدة صناعات ، كما أن قشوره تشكل كلأ للحيوانات بالإضافة إلى عملية تصديره .
فهل تتدخل الجهات المعنية بالنجاعة المطلوبة لإعادة غرس هذه الأشجار من جديد التي عمرت مئات السنين بجهة فاس ـ مكناس ؟ ومكافحة هذه الحشرة وأبادتها إلى الأبد. ذلك ما تتمناه مجموعة من الفلاحين والطلبة والتلاميذ المتضررين ماديا ومعنويا من هذه الكارثة البيئية ، وعلى وزارة الفلاحة الأجر في أجورها. إن نظرت بعين الرحمة لهذه الجهة الفقيرة بمداخيلها الغنية بتنوع نباتاتها.