هجر المدارس الخاصة وتأهيل المدرسة العامة, هذا هو الهدف من الحملة التي أطلقها أولياء أمور التلاميذ على الشبكات الاجتماعية و تطبيقات الرسائل الفورية ، احتجاجا على سياسة بعض مؤسسات التعليم الخاص ، التي دون مراعاة آثار جائحة كورونا على القدرة الشرائية للمغاربة ، تستمر في المطالبة بدفع الرسوم الدراسية كاملة .
والهدف من هذه الحملة هو تشجيع الآباء على ترك المدارس الخاصة لصالح المدرسة العامة، حيث تخطط جمعيات الآباء لتعزيز قدرات المدارس العامة من حيث البنية التحتية ، وتحمل نفقات معينة مرتبطة بمنتجات النظافة ، وتكاليف النقل وخدمات أخرى ، من أجل المساهمة في تحسين ظروف العمل داخل المؤسسات العمومية ، كما يقترحون أيضا تمويل تدريس بعض المواد كالموسيقى والمسرح.
الحملة التي أطلقها آباء التلاميذ هي موضوع شكوى مقدمة من مجموعة من المدارس خاصة. التي تتهم الآباء بالحصول على البيانات الخاصة بالعائلات لإقناعهم بتسجيل أطفالهم في المدارس العامة.
مع هذا الوضع الجديد ، يمكن القول أن العلاقات بين أولياء أمورالتلاميذ ، وبعض مؤسسات التعليم الخاص تسير من سيء إلى أسوأ ، على الرغم من وساطة وزارة التربية الوطنية.
لكن السؤال المطروح، هل ترك التلاميذ للمدارس الخاصة ، و الذهاب إلى المدارس العامة امر جديد مرتبط فقط بمشكل تسديد رسوم الدراسة ، خلال جائحة كورونا ام انه امر بدأ قبل الجائحة؟
فخلال المؤتمر الصحفي الذي تطرق للدخول المدرسي 2019-2020 ، الذي عقد يوم الجمعة 20 سبتمبر في الرباط ، أكد السيد وزير التربية الوطنية سعيد أمزازي ، أنه لوحظ تدفق التلاميذ من المدارس الخاصة إلى المدارس العامة منذ العام الدراسي. 2018-2019.
وبحسب الوزير فإن هذا مؤشر يقدم معلومات عن الثقة المتجددة للأسر المغربية في المدارس الحكومية ، بعد الإجراءات والجهود التي بذلتها إدارته في السنوات الأخيرة.
وأكد مسؤول في وزارة التربية الوطنية أن هذه ظاهرة جديدة تمت ملاحظتها على أرض الواقع ، بسبب عدة اسباب منها :
تعميم التعليم الاولي ، كجزء من الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الاولى ، شجع الأسر على اختيار التعليم العام .
السبب الثاني ، تعزيز تدريس اللغة الفرنسية في مرحلة الابتدائية . حيث يتم تدريس اللغة الفرنسية الآن من السنة الأولى بمعدل 4 ساعات في الأسبوع ، و5 ساعات بالنسية للمستوى الثاني .
العامل الثالث الذي ذكره هو تحسن التجهيزات في السنوات الأخيرة ، في العديد من المدارس العامة الحضرية (الملاعب الرياضية والمراحيض وما إلى ذلك) ، التي يمنع غيابها أو حالتها السيئة العديد من الأسر من تسجيل أطفالها في المدارس العامة. وبحسب أرقام الوزارة ، فقد تم إعادة تأهيل أكثر من 1800 مدرسة للعام الدراسي الحالي.
ويضاف إلى هذه العوامل توظيف 85.000 استاذ منذ عام 2016 من اجل فك الاكتظاظ .
وقد ترجع ظاهرة الهجرة إلى المدارس العمومية، التي لاحظتها الوزارة ،جزئيا إلى الصعوبات المالية لبعض الأسر، التي فضلت الرجوع إلى المدرسة العمومية ، وحسب الإحصائيات لوحظ انخفاض حصة القطاع الخاص من 15.2٪ إلى 14٪ خلال 4 سنوات الماضية.
ويبقى اختيار تدريس الأبناء في التعليم الخاص ،محل اختلاف بين اولياء الامور بين مأيد و معارض.
أغلب من يؤيد فكرة التعليم الخاص غير راض عن نظام التعليم في المغرب، يعتقد أن البيداغوجيا المعتمدة في المدارس العمومية أبعد ما تكون عن تلبية التوقعات , معظمهم يرى أن التعليم الخاص ، على الرغم من الرسوم الدراسية العالية، إلا أنه يوفر تعليما جيدا للتلاميذ من خلال اساتذة ملتزمين ، ونتائج ملموسة عكس التعليم العمومي، الذي في نظرهم يعاني من الاكتظاظ و كثرة إضرابات هيئة التدريس , كما أن فضاءات المؤسسات العمومية بئيسة و لا تتوفر على الحد الادنى من التجهيزات الضرورية ،بالإضافة إلى غياب تام للأنشطة الموازية ،و غياب التتبع الجيد و التواصل من طرف الادارة عند غياب التلميذ , كما أن محيط المؤسسات الخاصة أكثر أمنا من محيط المؤسسات العمومية.
فبالرغم من ارتفاع تكاليف المؤسسات الخاصة إلا انهم حسب رأيهم يقدمون تعليما جيدا و يأمنون مستقبل أبنائهم .
و يرى من يعارض فكرة التعليم الخاص ،أن المدارس الخاصة تبيع للمغاربة منتجا خياليا أو بالأحرى خدعة، تحت مسمى “تأمين مستقبل الأطفال ” عن طريق إفراغ جيوب الاباء . فالمدارس الخاصة حسب رأيهم لا تنتج مواطن صالح ، كريم ، صادق في خدمة المجتمع وبلده ، مثقف بشكل جيد كل همها الربح فقط، ، والحصول على أفضل العلامات على حساب جميع القيم الاجتماعية للتلميذ وصحته .تحضر هذه المدارس الخاصة لمغرب الغد ، صناع القرار بدون إنسانية وبدون قيم اجتماعية.
كما أنها تساعد في الزيادة في الفوارق الاجتماعية ، الطبقة الأغنى (يذهب للمدارس المرموقة) إلى الطبقة المتوسطة (يذهب للمدارس الرخيصة) وأخيرا إلى الطبقة الفقيرة (يذهب للمدارس عامة).لهذا تكرس عدم تكافؤ الفرص بين جميع المغاربة.
المدارس الخاصة في نظرهم مقاولات ربحية نفعية فقط , يسيرها ” مول الشكارة” لا علاقة له بميدان التعليم همه الربح فقط , أغلب المؤسسات الخاصة لا تتوفر على فضاء يصلح للتدريس فقط ، بناية لا ساحة و ملاعب و لا مختبرات , أغلب من يشتغل فيها لم يتلقوا تكوينا في المجال , لهذا تلجأ المؤسسات الخاصة لمدرسي التعليم العمومي , و يرجع تفوق بعض تلاميذ المؤسسات الخاصة حسب رأيهم للانتقاء الأولي للتلاميذ لاختيار المتفوقين فقط بالإضافة اإى تضخيم نقط البعض منهم .
وبين مؤيد ومعارض تبقى المدرسة العمومية هي الأصل الذي يجب ان يستثمر فيه , رد الاعتبار للمدرسة العمومية مدخل اساسي لإصلاح التعليم و ضمان تكافؤ الفرص بين الجميع .