مستجدات

الجار بين الأمس واليوم : روابط اختلفت باختلاف الزمكان

[ALLNEWS]14 أغسطس 2021
الجار بين الأمس واليوم : روابط اختلفت باختلاف الزمكان

حكايات الناس  القدامى  عن الجار في الأيام الماضية  لا تزال عالقة في أذهان الكثير ، حيث كانت العلاقات مبنيّة على التعاون والحرص والتكافل والمحبّة والوئام والتضحية.. الخ من القيم الحميدة التي عرفناها  الإنسان وتربى عليها، كما أن الإسلام أمرنا بحسن الجوار وأعطى هذه المسألة أهميّة كبرى، حيث أوجب للجار حقوقاً وواجبات كثيرة، العلاقات الاجتماعية بين الجيران في الوقت الحاضر تغيرت واختلفت بشكل كبير ولأسباب مختلفة، حول هذا الموضوع كان لصحيفة  أول نيوز هذه الوقفة القصيرة التي استطلعت فيها آراء البعض لمعرفة أسباب هذا التغير الطارئ .

الشيخ الوقور السي ادريس كان محطتنا الأولى في هذا الحديث الخاص عن الجار والجيرة بين الأمس واليوم حيث قال: ” عن رسول الله ص (والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنقسه ) في هذه الحياة تغير كل شيء الكل أصبح يهتم بنفسه وعيشته ويتناسى العلاقات الخاصة والعامة، حتى الجار الذي كان يشارك جاره في كل شيء أصبح اليوم بعيداً حتى في وقت الشدائد والأزمات ، إنها وبحسب اعتقادي مغريات الحياة المتزايدة التي غيرت النفوس ودمرت علاقاتنا الانسانية”.

ويسترسل ” بسرد قصة خاصة حدثت قبل سنوات عندما كانوا يسكنون في البادية وجاء جارهم عند والده وقال له : أخي العزيز إني سأترك بناتي أمانة عندكم لحين عودتي من بيت الله.

تصوروا عظم العلاقة والثقة بين الجيران ،بنات الجار وسط  أولاده  في بيت واحد ، تلك هي الحياة في الزمن السابق ، كانت مبنية على الثقة والإخلاص والحب المتبادل في ذلك الزمن ، لم أكن أعرف أن هذا جار بل كنت أعتقد أن جميع تلك العوائل هم أقاربي. هذه الثقة من المستحيل أن تجدها اليوم في مجتمعنا لقد تبدل كل شيء وتغير، وانتهت أواصر الأخوة وانعدمت الثقة بين الجميع.

وهذا  الحاج محمد رجل مسن يقارن بشيء من الانزعاج ما بين جار الأمس وجار اليوم فيقول :”من كان يومن بالله  واليوم الآخر فليكرم جاره ” وأضاف إن علاقة بين الجيران أصابها شيء من الضعف والفتور بسبب تأثرها بالمصالح والماديات ، التي طغت على كل شيء، ففي الأمس القريب كان الجيران عبارة عن عائلة واحدة يجمعها الحب والأخوة، خصوصا في أيام المحن التي مرت بنا في السابق ، كنا نتقاسم كل شيئ، ولعل القصص والشواهد كثيرة على ما أقول.

اما “كريم” وهو طالب جامعي فلم يذهب بعيدا ويرى أن العنف المتزايد والمؤثرات العقلية، كان لها أثر كبير في تدهور تلك العلاقات حيث يقول :نعم لقد اختلفت العلاقات بين الجيران وقلت أواصر الارتباط بين الجميع، ولأسباب مختلفة ترتبط بظروف الحياة المعيشية  الصعبة والفقر والهشاشة وعدم الثقة ، فهذه الأمور ساهمت بخلق مجتمع عنيف غير قادر على التواصل والعطاء، فرب الأسرة وبسبب انشغاله المتواصل في العمل ابتعد وبشكل تدريجي عن الاختلاط مع الجيران،  وهو ما أثر على تربية الأولاد الذين ابتعدوا مع ابتعاد الأهل.

الأخت الحاجة فاطمة  النكافة  تقول : “الجار هو أقرب طريق إلى الجنة ”  لقد اختلف عما كان عليه منذ 40 عاما ، تلك الأيام كانت جميلة ورائعة للجميع كانت القلوب طاهرة ومملؤة بالحب،  ومناسبة الفرح يحضرها الجميع دون تقديم الدعوات على أوراق مزركشة ،هذا الوضع تغير بشكل كبير في زمننا الحالي ،وأعتقد أن أهم أسباب التغير هو الجشع الذي أثر بشكل كبير على الأجيال.

تلك الأرواح الطاهرة غيرتها سموم الجهل بمحرمات الله، فالغش والخداع والكذب والرياء والغيبة. والنميمة …. الخ ، من الأمور الأخرى، هي اليوم أساسيات في جميع معاملاتنا اليومية خصوصا تلك التي ترتبط بمصادر الرزق والمعيشة، التي يجب أن تكون من مصدر”حلال” هذه المصادر المشبوهة أثرت وبشكل سلبي على التربية وعلى العلاقات.

الأستذ الفارسي  يرى أن أسباب هذه المشكلة متنوعة يشترك فيها الكثير من الأطراف ، ومنها وزارة التربية الوطنية  التي ابتعدت اليوم عن ترسيخ تلك القيم في نفوس الطلبة وخصوصا الصغار منهم، حيث يقول: لقد ابتعد المدرس عن المجتمع بشكل كبير ، وأكتفى بتطبيق واجباته المعروفة فقط ، وهي إعطاء الدروس المنهجية التي تأتيه من الوزارية .

هذا ما نلاحظه ونلمسه عندأغلب رجال ونساء التعليم ، وقد نعذرهم بذلك أيضا بسبب بعض القوانين والتشريعات الخاطئة التي قيدتهم وحجمت دورهم المهم، سابقا كان المعلم يسعى إلى إعداد التلميذ  خلقياً وعلمياً ، وكان يتابع ذلك مع الأهل، وكانت الأسرة تقول للمعلم (أقتل وأنا ندفن )تعبيرا منها على الثقة التي وضعتها في المعلم وخاصة من ناحية التربية والتعليم ،  باعتقادي أن المدرسة هي الركيزة الأساسية لبناء المجتمع وإعادة العلاقات السابقة فهي أساس لتربية الاجيال.

فقيه إمام مسجد من جهته يرى أن الابتعاد عن الدين كان له أثر واضح في تدهور الكثير من العلاقات الاجتماعية في مجتمعنا ، حيث يقول: لقد ابتعدنا كثيرا عن الدين والتربية الدينية ، وتناسينا وصايا الرسول وأهل بيته (ص) التي شملت كل جوانب الحياة ومنها العلاقة بين الجيران، حيث قال عليه أفضل الصلاة والسلام ” ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه “.

هذه هي إحدى الوصايا المهمة التي أعلنها الرسول (ص) وهي دليل واضح على أهمية الجار ، ومدى قربه منا. وأعتقد أن ما نمر به هو عقوبة بسبب أعمالنا وابتعادنا عن طريق الحق والإيمان. ويضيف: أرجومن الجميع أن يعملوا بوصايا الله والرسول فهي ضمان لنا، كما أتمنى من رجال الدين أن يركزوا أكثر على هذا الجانب المهم من خلال محاضراتهم وكتبهم،  وخصوصا في مواسم الزيارات وأيام التجمعات. والألعاب والمخيمات

الفقيه كان آخر محطة في هذه الوقفة المهمة التي يجب  أن نضيف إليها بعض النقاط التي استنتجناها من خلال هذا التحقيق الخاص، بهدف تعزيز وتطوير العلاقة بين أفراد المجتمع ومنها: اعتماد ونشر ثقافة الحب والتعاون من خلال تسخير وسائل الاعلام المحلية ، واعتماد برامج يومية او أسبوعية بهذا الخصوص.

تحمل في مضمونها وصايا الرسول وأهل بيته (ص) حول حقوق الجار وأهميتها ، هذا بالإضافة إلى طبع بعض الكتب الخاصة بهذا الشأن وتوزيها بشكل دوري ومستمر على الأهالي.

* إشاعة روح التعاون ونبذ العنف بين أفراد المجتمع من خلال اعتماد مناهج دراسية خاصة لطلبة المدارس وإشراكهم بدورات تعليمية مستمرة الهدف منها خلق جيل متسامح قادر على التغير والقيادة. إلى هنا نكتفي بهذا القدر من الكلمات تاركين لقارئنا العزيز حرية المشاركة وإبداء الرأي بهذا الخصوص.

الاخبار العاجلة
error: تحذير: المحتوى محمي