مستجدات

المفهوم والممارسة في اخلاقيات العمل الصحفي

[ALLNEWS]13 مارس 2025
المفهوم والممارسة في اخلاقيات العمل الصحفي

جاء في دراسة د. الصادق حمامي وعنوانها: ” الصحفيون وأخلاقياتهم في العمل الصحفي الجديد مفهوما وممارسة في زمن الميديا الاجتماعية” ، أن الصحافي ليس حرا في المطلق في الفضاء الافتراضي يتصرف كما يشاء دونما قيد كما يعتقد الكثيرون ، وذلك لسببين أساسيين أثنين: أولهما انتماء الصحافي الى مؤسسة حريصة على صورتها ومكانتها في المجتمع ولدى الجمهور ، ثانيهما المسؤولية الاجتماعية للصحافي باعتباره فاعلا اجتماعيا يقوم بأدوار أساسية في المجتمع تقتضي منه أن يتصرف بطريقة مسؤولة.

وفي هذا الإطار ، قامت الفيدرالية المهنية لصحافيي مقاطعة كيبيك في كندا ، بتطوير ميثاقها الأخلاقي بإدراج مبادئ خاصة بالميديا الاجتماعية،  تؤكد على الالتزام بالمعايير المهنية العامة التي تطبق على الوسائط الإعلامية الأخرى ، وعلى الطابع العام لما ينشره الصحافي على مواقع الشبكات الاجتماعية ، وينص الميثاق أن الصحافي لا ينشر في هذه المواقع الاجتماعية ما لا يمكن له أن ينشره على صحيفته ، كما يجب عليه أن يلتزم بحماية مصادره على الشبكة ، والتأكد من مصداقية الأخبار والامتناع عن السرقات الفكرية ، والإشارة في كل الأحوال إلى المصادر.

من ناحيتها أصدرت الجمعية الأميركية لناشري الأخبار أو للمحررين   (The American Society of News Editors) ، دليلا اختزلت فيه القواعد التي وضعتها الصحف الأميركية لتنظيم استخدام الصحافيين للميديا الاجتماعية ، ويتضمن عشر قواعد كبرى أولها تنص على أن:

  • المبادئ الأخلاقية التقليدية يجب أن تطبق في الفضاء الالكتروني ، فلا ينشر الصحفي ما لا يرتضي نشره في الصحيفة. كما لا ينشر على مواقع الشبكات الاجتماعية ما يسيء اليه شخصيا أو مهنيا أو ما يسيء الى مؤسسته. وعلى هذا النحو لا يوجد مبرر ألا تطبّق القواعد التقليدية الأخلاقية على المجال الالكتروني.
  • يجب على الصحافي ان يتحمل مسؤولية كل ما يكتبه، لأن كل ما يكتبه يصبح عموميا حتى إذا كانت صفحة الصحافي خاصة ، وشخصية وغير مرتبطة بالمؤسسة ، وذلك بسبب صعوبة الفصل بين الفضاء الشخصي والفضاء العمومي.

وترى هذه الجمعية الأميركية ، أن الميديا الاجتماعية أدوات وليست لعبة، فالصحافيون يمثلون مؤسساتهم ولا يمكن لهم أن يتصرفوا بطريقة غير مقبولة على الشبكة.

وكذلك فعلت كل من وكالة الصحافة الفرنسية ورويترز والبي بي سي ، وإن تميّزت الوكالة الفرنسية بتشجيع صحافيها على استخدام هذه المواقع للاستفادة منها على صعيد المعلومات والأبحاث، وعلى صعيد المساهمة في الإعلان عن الوكالة والدفاع عنها، كما أنها سمحت لهم بنشر معلومات طريفة حول الفعاليات والأحداث ، كما يمكن لهم أن يستخدموا التويتر للحصول على معلومات جديدة.

وأثبتت الصحافة التقليدية أنها حريصة على مكانتها الاجتماعية من خلال محاكمة “نجومها” عند وقوعهم في الخطأ ، ومن خلال وضعها قيودا على تعاملهم مع الاعلام الجديد. وحرصها هذا لم يقف عند هذا الحد فلجأت الى “تربية” إذا -جاز التعبير- الصحافي المواطن من خلال مراقبة الأخبار الكاذبة والصور المزيفة،  التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وفضحها كما فعلت صحيفة لوموند الفرنسية (Le Monde) ، و برز ذلك جليا في هجمات باريس الإرهابية يوم 13/11/2015 مؤكدة على دورها الاجتماعي في حماية أمن مجتمعها وتماسكه ، ومتسلمة زمام المبادرة في أحلك الأيام وأصعبها.  أومن خلال وضع شرعة أخلاقيات الكتابة في المدونات والتعليقات على مواقعها الالكترونية تحدد فيها للمواطنين الراغبين بالكتابة ، أن يتقيّدوا بها وإلا أهملت نتاجاتهم ومنعت من النشر كما هو الحال مع صحيفة لو فيغارو الفرنسية (Le Figaro).

وشاهدنا من ناحية أخرى تشجيعا من الصحافة التقليدية ، لنشر صحافة المواطن والتشجيع عليها وتجهيز منصات لها على مواقعها ، كما حصل في ست مؤسسات مصرية كبرى أطلقت في (سبتمبر) الماضي خدمات المواطن الصحفي ، عن طريق برنامج المحادثة “واتس آب” وغيره من الخدمات الرقمية، لإتاحة الفرصة أمام المواطن  لإرسال خبر أو مقال رأي مكتوب ومصحوب بكافة وسائل الوسائط المتعددة المُساعدة،  من صور وفيديوهات وغيرها، واصفة إياها بأنها صحافة من وإلى المواطن ، وداعية المواطن إلى صناعة الخبر أينما كان. ومن هذه المؤسسات : الأهرام، اليوم السابع، المصري اليوم، وكتابات مصراوية.

ونتوجه إلى بيئة يختلط فيها الاحتراف والهواية ، ولا بدّ أن يتشاركا في صناعة وإجاد إعلام جديد جيّد المستوى،  يعي تماما تبعات أفعاله على بيئته ومجتمعه وإلا فلا يكون ذلك إعلاما بل مجرد اتصال عبثي.

ولابد أن يتشاركا أخلاقيات إعلامية عامة للجميع ، انطلاقا من مفهوم المسؤولية الاجتماعية ويمكن أن نبدأ هنا من لبنان من خلال:

  • إسراع العاملين في الصحافة الالكترونية في لبنان إلى وضع ميثاق شرف إعلامي جديد خاص ببيئة العمل الجديدة ، احتراما لمهنتهم وارتقاء بمستواها وكشرط أساس لضمان الحرية الإعلامية تنظيما وسلوكا وممارسة، تحدد في هذا الميثاق واجبات وحقوق العاملين على الشبكة وبخاصة أن العديد منهم غير مسجل في جدول النقابة.
  • قيام كل مؤسسة إعلامية الكترونية بوضع ميثاق شرف خاص بها يحدد المقبول وغير المقبول فيها.
  • سن قانون إعلامي شامل يعيد تنظيم وتفعيل العمل الصحافي في لبنان ، ويجدد هيكلية نقابتي الصحافة والمحررين وضمّ العاملين على الشبكة إليها ، ضمن شروط علمية ومهنية محددة.
  • التشديد على أخلاقيات العمل الإعلامي في معاهد وكليات الإعلام في الجامعات العاملة في لبنان مع اقتراح تسليم المتخرجين منها شهادة الإعلام مع ميثاق الشرف الإعلامي الجديد.
  • إدخال مادتي التربية الإعلامية وأخلاقيات الإعلام في مناهج التعليم في المدارس ، طالما أدوات النشر والبث في أيدي التلامذة باكرا من حقهم ومن واجبهم التعرف على كيفية التعامل مع هذه الادوات بمسؤولية فيصبح ذلك جزءا من ثقافة المجتمع ككل.

 

 

الاخبار العاجلة
error: تحذير: المحتوى محمي