تعرف مساجد مدينة مكناس دون استثناء ،وعلى غرار باقي المساجد بالمدن المغربية خلال فترة أداء صلاة الجمعة ،حيث يتسابق أصحاب العربات المدفوعة أو المجرورة لاحتلال مواقع استراتيجية أمام عتبات بيوت الله لعرض بضاعتهم ،ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تراهم فرادى وجماعات يتمادون في الحديث بأصوات مرتفعة ،أو تنشب بين بعضهم خصومات حول احتلال المكان ،ويصدر عنهم كلام نابي أوساقط يشوش على المصلين ويمنعهم من الإنصات في خشوع لخطبة الإمام ،وخاصة أولائك الذين يلتحقون متأخرين ،ويجلسون قرب عتبات المساجد ،أو في الملحق الخارجي ،فضجيج هؤلاء يمنعهم من الاستماع والتركيز واستيعاب كلام الإمام ،مما يفسد عليهم أجر صلاة الجمعة في هذا اليوم ،الذي هو يوم عيد وعبادة ودعاء واستجابة والتقرب إلى الله تعالى.
هؤلاء الباعة لا يعيرون أي اهتمام لحرمة المكان وقدسيته ،وكثيرا ما أثار هذا الوضع ازدحاما ،وبلبلة قبل الصلاة وأثناءها وبعدها ،حيث يساهمون في الاكتظاظ أمام الأبواب باحتلالهم حيزا مهما من الممرات ،مما يتسبب في إغلاق الطرقات والأزقة،غير أن الأمر يبلغ ذروته بعد الانتهاء مباشرة من أداء الصلاة ،إذ ترتفع حناجر هؤلاء الباعة ،وتختلف باختلاف ما تحمله عرباتهم من سلع ،وذلك في نظرهم لاستمالة أكبر عدد ممكن من الزبناء ،مما يشكل إزعاجا حقيقيا للمصلين وللسكان المجاورين للمسجد وللمارة .
وكم تأذى واشتكى المصلون حال هؤلاء ،وفيهم للأسف شيبا وشبابا مدركون لبشاعة الظاهرة ،لكنهم لا يبالون بخصوصية المساجد المتعلقة بالعبادة والحاجة إلى الهدوء والسكينة في أوقات الصلاة .
وخلال جولة استطلاعية على هذه الظاهرة ،التي باتت تأرق بال المصلين دون استثناء ،تفاوتت ردود من استطلعت آراؤهم ،ما بين مؤيد ومعارض ،ومنهم من ذهب إلى وصف الظاهر بأنعت الأوصاف المنحطة ،مشيرا إلى السلع المعروضة ،وقال بأن أغلبها يفتقر إلى الجودة المطلوبة ،تباع بأثمان بخسة مستغلين ثقة المصلين ،وأضاف أن بعض أصحاب هذه العربات ،أصبحوا مستثمرين في هذا المجال ،حيث أصبحت لديهم شركات مجهولة الإسم ،متنقلة تتوفر على أربع أو خمس عربات ،مقرها المركزي أبواب المساجد، يسيرها آخرون مقابل أجر يومي ،أو بنصيب في الأرباح .
أما عن مخلفات السلع المعروضة فتلك مشكلة أخرى ،يجب إجبار صاحب العربة على تنظيف المكان تحت طائلة غرامة مالية ،أو حجز سلعته،يضيف أحد المصلين.
وما انتبه إليه المصلون وعموم المواطنين حول اتفحال الظاهرة ،هو الغياب التام للسلطات المحلية ،حيث لم تفلح في إبعادهم على الأقل من أبواب المساجد ،أوإخلائهم بالمرة ،أو تنظيمهم داخل الأسواق الجوارية ،التي ظل معظمها فارغا إلى اليوم (سوق البرج ـ الريحان ـ مرجان 2 ـ البساتين ….الخ ) . ويبقى السؤال المطروح حاليا ،هل تتحركم الجهات المسؤولة لتحسين ظروف صلاة الجمعة ،وتنقية محيط المساجد من هؤلاء الباعة ،الذين لايؤدون صلاة الجمعة ،متجاهلين الآية الكريمة :” ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ “﴾