يستغرب سكان العاصمة الإسماعلية ومعهم الزوار والسياح الأجانب، من الإنزال الغريب الذي تعرفه جل الشوارع الرئيسية والأزقة ، لمجموعة من المشردين والمنحرفين غرباء عن هذه المدينة، ولا أحد يعرف الجهة التي صدرهم جماعة إلى مدينة مكناس ،وألقت بهم تحت جنح الظلام في عرض الشوارع والناس نيام .
ويتساءل المواطن المكناسي في ذهول ، عن سبب توافد هؤلاء المشردين والمنحرفين بكثرة دفعة واحدة ،مما يعطي انطباعا لا مراء فيه ،أن جهات معينة ينخرها شرخ الحقد من مدن مجاورة ،تخلصت من هذه الشريحة وقدفت بها نحو مدينة مكناس التي لا ينقصها إلا مثل هؤلاء “على حد تعبير أحد المتتبعين لهذه الظاهرة المتفاقمة ” إذ فقدت المدينة الكثير من أجوائها الآمنة ،ولم تعد تتحمل المزيد .لقد فرض الكثير من المشردين والمنحرفين منطقهم عليها بسلوكيات مشينة تستفز الجميع ،سلوكيات تخدش الحياء في معظمها ،وكثيرا ما يفقد المواطن معها صبره ، وتنشب التوترات ،منحرفون يمارسون الرذيلة بكل أنواعها داخل منازل وأماكن مخربة (زنقة الرياض مثلا بحمرية) وراء محطة القطار الأمير عبد القادر وبذات الشارع كذلك ، حيث تكثر المنازل الفارغة ،التي تحولت إلى فنادق بآلاف النجوم تعج بالعشرات المتسكعين، الذين أصبحوا يضايقون بتصرفاتهم الطاشة السكان المجاورين ،الذين حرموا من فتح نوافذ بيوتهم القريبة ،أو المطلة على هذه الخرب ،التي غزتها القمامات والقذرات والقنينات الفارغة ،لا تردعهم حتى العيون الفضولية التي تتلصص عليهم وترمقهم بنظرات العتاب والاستهجان ،ولا أحد يجرأ على الاقتراب منهم .
هذا الوضع المزري يدعو إلى الكثير من الحسرة والألم على أماكن من المفروض أن تكون مسيجة ، أو محكمة الإغلاق، أماكن يجب على الجهة الوصية إجبار أصحابها بضرورة العناية بها ،وإغلاق جميع المنافذ المؤدية إلي داخلها أو إقامة حراسة عليها .
فمعظم سكان هذه المناطق أصبحوا يشكون في روح المواطنة التي غابت عن السلطات المحلية والجماعة الترابية، التي لم تدخل في حسابها فئة المشردين والمنحرفين التي تجتر في صمت زمنا العصيب ، في غياب أي تدخل لإيواء هذه الشريحة الهشة المحرومة من كل شيئ.
ربما يحتاج الإمر في بعض الحالات إلى عناية بسيطة لعلاج هؤلاء ، أو إيجاد مأوى لهم ،أو البحث عن عائلتهم ،وعلى المجلس البلدي تحمل ولو جزئيا وضعية هؤلاء والعناية بهم ،وفي أحسن الأحوال إحالتهم على المستشفى المختص ،حتى يندمجوا في مسرح الحياة إن قدر لهم ذلك.
وإلى ذلك الحين تظل هذه الشريحة على ذمة المجلس الجماعي الجديد والسلطات المختصة ,وتبقى مدينة مكناس ضالة المشردين والمعتوهين والمنحرفين بامتياز.