شهدت الرياضة المغربية، وبخاصة ألعاب القوى وسباق الدراجات، تراجعاً ملحوظاً على المستوى الدولي، بعدما كانت تشكل لعقود خزاناً للأبطال وصانعة لميداليات رفعت راية المغرب في كبريات المنافسات العالمية.
غير أن المشهد تغيّر في السنوات الأخيرة، إذ باتت بعض الجامعات الرياضية تُدار من طرف أشخاص بعيدين عن المجال التقني، وهو ما اعتبره متتبعون سبباً مباشراً في فقدان البوصلة وتراجع النتائج.
وقد تجلى هذا التراجع بشكل واضح في الألعاب الأولمبية الأخيرة بباريس، وكذا في بطولة العالم بطوكيو، حيث اكتفى المغرب بحصيلة باهتة لا تليق بتاريخه الرياضي. ويرى خبراء أن غياب رؤية واضحة، وضعف الاستثمار في التكوين، وإقصاء الكفاءات التقنية، عوامل ساهمت في تراجع الحضور المغربي على الساحة الدولية.
هل فقدت الرياضة المغربية روحها التنافسية؟
لم يكن تراجع الرياضة المغربية، وخاصة في ألعاب القوى والدراجات، مجرد صدفة عابرة، بل نتيجة مسار طويل من الاختلالات التي تراكمت حتى باتت اليوم واضحة للعيان. بلد أنجب أبطالاً عالميين واحتكر منصات التتويج لعقود، وجد نفسه فجأة خارج دائرة المنافسة، مكتفياً بالمشاركة الرمزية ونتائج باهتة في محطات كبرى، من بينها الألعاب الأولمبية بباريس وبطولة العالم في طوكيو.
المعضلة لا تكمن فقط في الرياضيين، بل في بعض من يسيرون الجامعات والاتحادات. كيف يعقل أن تدار مؤسسات رياضية عريقة من طرف أشخاص يفتقدون الحد الأدنى من الخبرة التقنية؟ وكيف نطمح إلى تكوين أبطال جدد بينما نُقصي الكفاءات الحقيقية ونكتفي بتدبير بيروقراطي عقيم؟
إن غياب الرؤية، وضعف الاستثمار في التكوين، وانفصال القرار الرياضي عن أهل الميدان، كلها عوامل جعلت الرياضة الوطنية تفقد روحها التنافسية. والأسوأ أن الرأي العام اعتاد على الخيبات حتى صارت الهزيمة أمراً عادياً لا يثير النقاش.
اليوم، المغرب أمام خيارين: إما الاستمرار في هذا المسار الانحداري حيث تتحول الجامعات الرياضية إلى مجرد هياكل شكلية، أو الشروع في إصلاح جريء يعيد الاعتبار للكفاءات، ويستثمر في الطاقات الشابة، ويضع النتائج فوق كل اعتبار.
والسؤال الملحّ اليوم: هل تستطيع الرياضة المغربية استعادة مكانتها ومجدها السابق عبر إعادة الاعتبار للكفاءات والخبرات، أم أن مسلسل الانحدار سيتواصل في غياب إصلاح حقيقي؟