حذر مختصون في التربية والقانون من تصاعد ظاهرة التنمر الرقمي بين تلاميذ وطلبة المدارس، مؤكدين أنها تشكل تهديدًا مباشرًا للصحة النفسية للمراهقين، وتترك آثارًا سلبية طويلة الأمد، قد تمتد لتؤثر بشكل ملحوظ على التحصيل الدراسي والعلاقات الاجتماعية للضحايا، خاصة في الحالات التي تتضمن نشر صور مسيئة أو رسائل تهديد وتشويه السمعة عبر المنصات الإلكترونية. يمكن أن تؤثر بدورها على الأداء المدرسي للطالب، مثل صعوبات التركيز أو الدراسة أو حتى مجرد الذهاب إلى المدرسة.
وأوضح الخبراء أن النزاعات التي تنشأ عبر تطبيقات المراسلة ووسائل التواصل الاجتماعي باتت تضغط نفسيًا بشكل كبير على الضحايا، في ظل صعوبة إثبات التجاوزات بسبب استخدام بعض المعتدين حسابات وهمية أو حذف الرسائل المسيئة، ما يعقد عملية حفظ الحقوق أو المطالبة بالإنصاف القانوني.
وأشار تربويون إلى أن بعض الطلبة يستغلون منصات التعليم الإلكتروني وقنوات التواصل الرقمية لتبادل الشتائم أو صناعة محتوى ساخر مسيء لزملائهم، فإن التعرض للتنمر عبر الإنترنت والتعليقات السلبية يمكن أن يؤثر سلباً على احترامهم لذاتهم، مما يعرضهم لخطر الإصابة بالاكتئاب“. وهو سلوك قد يتطور إلى مشاجرات إلكترونية تُصنّف ضمن المخالفات القانونية المشددة، مؤكدين أن تدخل أولياء الأمور أحيانًا بشكل متحيز يزيد من حدة الخلافات بدلاً من احتوائها.
واقترح المختصون ضرورة تبني المدارس آليات وقائية تعتمد على تشكيل لجان تربوية مختصة للتوعية بمخاطر التنمر الرقمي، وتوضيح العواقب الإدارية والقانونية التي قد تصل إلى الفصل النهائي أو المتابعة القضائية بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، الذي يتعامل بصرامة مع الإساءة الرقمية بمختلف أشكالها، من رسائل التهديد والشتائم إلى فبركة الصور ونشرها بهدف التشهير.
من جهته، شدد أحد الأساتذة على أهمية ترسيخ قيم التسامح واحترام الآخر منذ المراحل الدراسية الأولى، وتدريب التلاميذ على إدارة الخلافات بشكل حضاري بعيدًا عن الإيذاء اللفظي أو الرقمي، محذرًا من أن هذه السلوكيات قد تترك ندوبًا نفسية لا تزول بسهولة وتؤثر على مستقبل الطلبة التعليمي والمهني.
كما دعا الخبراء الطلبة وأولياء أمورهم إلى التعامل بجدية مع أي واقعة تنمر إلكتروني، عبر توثيق الأدلة فورًا، مثل لقطات الشاشة والتسجيلات، وتسليمها للجهات المختصة داخل المدرسة أو للقنوات القانونية، لضمان محاسبة المعتدين وحماية حقوق الضحايا.