شهدت مدن فرنسية عدة، يوم أمس، مظاهرات حاشدة استجابة لدعوات النقابات العمالية، احتجاجًا على خطط حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون الرامية إلى خفض الإنفاق العام وتقليص الخدمات الاجتماعية.
وبحسب معطيات الاتحاد العام للعمال (CGT)، فإن التعبئة شملت أكثر من مليون شخص في مختلف المدن، في حين أفادت صحيفة لو فيغارو بأن عدد المشاركين بلغ نحو 427 ألفًا في باريس وحدها. وبرزت تجمعات ضخمة في مدن كبرى مثل تولوز (18 ألف متظاهر)، نانت (16 ألفًا)، ومرسيليا (15 ألفًا).
الأمينة العامة للاتحاد، صوفي بينيه، اعتبرت أن “التعبئة حققت نجاحًا بالفعل”، مشيرة إلى مشاركة ما يزيد عن 400 ألف شخص في الساعات الأولى من الاحتجاجات، مؤكدة بذلك أن الغضب الشعبي آخذ في التصاعد أمام خطط الحكومة.
المتظاهرون رفعوا شعارات ترفض المساس بتمويل الخدمات العامة والرعاية الاجتماعية، في وقت تواجه فيه فرنسا عجزًا متفاقمًا في الميزانية وارتفاعًا في الدين العام. النقابات العمالية شددت على ضرورة تجميد التخفيضات المقترحة، معتبرة أن من شأنها تهديد الحقوق الاجتماعية وإضعاف القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل الغلاء المستمر.
لكن، وكما جرت العادة في مظاهرات واسعة بهذا الحجم، لم تخلُ المسيرات من أحداث توتر. ففي ليون، اندلعت مواجهات بين قوات الأمن ومجموعة من الشباب، بينما تدخلت الشرطة في مونبلييه لتفريق متظاهرين حاولوا التجمع قرب مركز تسوق “بوليغون”. أما في رين، فقد سجلت اشتباكات عنيفة دفعت محافظة بريتاني وإيل إي فيلين إلى إصدار بيان أدانت فيه أعمال العنف، داعية المتظاهرين إلى النأي بأنفسهم عن “العناصر التخريبية”.
ويرى مراقبون أن هذه التعبئة الواسعة تمثل تحديًا سياسيًا واجتماعيًا جديدًا لحكومة ماكرون، التي تجد نفسها بين مطرقة الضغوط المالية وسندان الشارع الفرنسي الرافض للمساس بمكتسباته الاجتماعية.