مستجدات

قانون التعليم العالي 59.24 يثير جدلاً واسعًا: الطلبة بين الدفاع عن المجانية ومخاوف الخوصصة

[ALLNEWS]29 أغسطس 2025
قانون التعليم العالي 59.24 يثير جدلاً واسعًا: الطلبة بين الدفاع عن المجانية ومخاوف الخوصصة

أعربت التنسيقية الوطنية للطلبة المهندسين بالمغرب، واللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، عن قلقها العميق إزاء المستجدات المرتبطة بمشروع القانون 59.24 المنظم للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الذي تمت إحالته على المجلس الحكومي.

وفي بيان مشترك، لوحت الهيئات الطلابية بخوض إضرابات وأشكال احتجاجية ميدانية مع بداية الموسم الجامعي المقبل، دفاعًا عن ما تعتبره “حقًا دستوريا” في تعليم عمومي مجاني يضمن الحريات والحقوق، معلنة في الوقت ذاته عزمها مراسلة وزارة التعليم العالي ورئاسة الحكومة للتعبير عن موقفها.

أبرزت التمثيليات الطلابية أن حذف المواد 71، 72، و73 من القانون السابق 01.00 يمس بشكل مباشر بالحقوق التنظيمية للطلبة، إذ كانت هذه المواد تضمن لهم حق التمثيل وإدارة شؤونهم عبر هياكلهم المنتخبة. وأشارت إلى أن هذه الخطوة تأتي رغم توقيع وزارة التعليم العالي اتفاقًا سابقًا مع ممثلي طلبة الطب يعترف بشرعية التمثيليات الطلابية.

كما حذر البيان من أن المشروع الجديد يتضمن “ثغرات قانونية” قد تفتح الباب أمام خوصصة التعليم العالي، وهو ما يهدد – بحسبهم – مبدأ تكافؤ الفرص ويقوض مجانية التعليم العمومي، محولًا الجامعة من فضاء أكاديمي إلى “مقاولة تجارية محكومة بالمنطق الربحي”.

وانتقدت التنسيقيات الطلابية ما اعتبرته “محاولة تمرير القانون في فترة العطلة الجامعية”، معتبرة أن ذلك يحرمها من حقها في الانخراط في النقاش العمومي ، ويعكس “نهجًا أحاديًا” يتعارض مع المقاربة التشاركية التي ينص عليها الدستور.

وشددت الهيئات الثلاث على أن مستقبل الجامعة المغربية ،يقتضي مقاربة تشاركية حقيقية تنخرط فيها مختلف الفعاليات، وفي مقدمتها الطلبة، باعتبارهم المعني الأول بالإصلاحات المرتبطة بالمنظومة التعليمية.

تعتبر الحكومة أن مشروع القانون الجديد ، يندرج ضمن رؤية استراتيجية لإصلاح منظومة التعليم العالي، بما يعزز تنافسية الجامعة المغربية ويربطها بالبحث العلمي والابتكار في خدمة الاقتصاد الوطني. غير أن القراءة الطلابية ترى في بعض مواده تراجعًا عن مكتسبات دستورية، خاصة مع حذف المواد (71 و72 و73) التي تضمن للطلبة حق التنظيم والتمثيل داخل الجامعة.

ويصف طلبة الهندسة والطب والصيدلة هذا التوجه بأنه “نكوصي”، باعتباره يتناقض مع روح الحوار الذي أفضى سابقًا إلى اتفاقات رسمية تعترف بشرعية تمثيلياتهم، خصوصًا في سياق الإضرابات الطويلة التي شهدها قطاع الطب قبل عامين.

الجدل الأكبر يتمحور حول ما وصفه الطلبة بـ “الثغرات القانونية” التي قد تفتح الباب أمام خوصصة التعليم العالي، من خلال تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص دون ضمانات حقيقية للحفاظ على مجانية التعليم. ويرى مراقبون أن هذا التحول – إن تحقق – سيؤدي إلى تكريس الفوارق الاجتماعية وتحويل الجامعة إلى فضاء انتقائي بدل أن تبقى مؤسسة عمومية مفتوحة أمام جميع الفئات.

في المقابل، تدافع بعض الأوساط الاقتصادية عن هذا التوجه باعتباره وسيلة لجذب التمويل وتحسين جودة الخدمات الجامعية، في وقت تعاني فيه المؤسسات العمومية من ضعف البنيات التحتية واكتظاظ المدرجات وقلة الموارد البشرية.

من النقاط المثيرة للجدل أيضًا، توقيت إحالة المشروع على المجلس الحكومي خلال فترة العطلة الجامعية، ما اعتبرته التمثيليات الطلابية محاولة لتمرير القانون بعيدًا عن الأنظار، وتغييبا متعمدًا للنقاش العمومي والمقاربة التشاركية.
هذا المعطى يطرح تساؤلات أعمق حول كيفية صناعة القرار التعليمي في المغرب، وهل يتم إشراك الفاعلين الأساسيين – وفي مقدمتهم الطلبة – في صياغة الإصلاحات التي تمس مستقبلهم.

بينما تتمسك الحكومة بضرورة المضي قدمًا في إصلاح التعليم العالي وفق معايير جديدة، يؤكد الطلبة أنهم على استعداد لخوض إضرابات وطنية واحتجاجات ميدانية دفاعًا عن مجانية التعليم العمومي وعن حقهم في المشاركة في القرار الجامعي.

ويرى متتبعون أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مآلات هذا المشروع، خاصة إذا ما تزايد الضغط الطلابي ووجد دعما من فاعلين آخرين داخل المجتمع المدني والنقابات، وهو ما قد يدفع الحكومة إلى إعادة النظر في صياغة بعض بنوده أو فتح حوار موسع لتجنب أزمة جامعية جديدة.

 

الاخبار العاجلة
error: تحذير: المحتوى محمي