في خطوة حاسمة نحو تخليق الحياة السياسية، وجهت وزارة الداخلية إنذارًا شديد اللهجة إلى قادة الأحزاب السياسية، تدعوهم فيه إلى إبعاد جميع المشتبه في تورطهم في قضايا الفساد عن الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة، تحت طائلة المتابعة القضائية وتشديد العقوبات.
ووفقًا لمعطيات مؤكدة، شرعت الوزارة في إعداد حزمة جديدة من القوانين الانتخابية، يشرف على صياغتها فريق تقني بقيادة الوالي حسن أغماري، مدير الانتخابات بوزارة الداخلية، في إطار خطة استباقية تهدف إلى تجفيف منابع الفساد الانتخابي، الذي تسبب في تعطيل مشاريع تنموية وخسائر بملايير الدراهم نتيجة سوء التدبير وتبديد المال العام.
وخلال اجتماعات عقدها بالرباط مع زعماء الأحزاب، شدد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت على ضرورة الالتزام الصارم بالتوجيهات الملكية الرامية إلى ترسيخ الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية المقبلة، عبر سنّ قوانين حازمة تضمن مصداقية المسار الديمقراطي.
ونقلت يومية الصباح أن لفتيت طالب الأحزاب السياسية بضرورة “تنظيف بيوتها الداخلية” من المرشحين المشبوهين أو ذوي التمويلات الغامضة، قبل منحهم التزكيات الانتخابية، لتفادي تكرار فضائح الفساد التي طالت في الآونة الأخيرة نحو 30 برلمانيًا وأكثر من 100 منتخب محلي وجهوي.
وفي السياق ذاته، كشفت المصادر أن وزارة الداخلية ستعزز تعاونها مع وزارة العدل والسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة لتفعيل آلية التنصت الهاتفي كوسيلة قانونية لملاحقة مرتكبي الجرائم الانتخابية، وذلك بموجب التعديلات الأخيرة على المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، المنشورة في الجريدة الرسمية بتاريخ 8 شتنبر المنصرم.
وتتيح هذه التعديلات إمكانية التقاط وتسجيل المكالمات الهاتفية والاتصالات الإلكترونية بأمر قضائي في قضايا الجنايات والجنح، بعد إدراج الفساد الانتخابي ضمن قائمة الجرائم الخطيرة، إلى جانب الإرهاب والقتل والرشوة وتبديد المال العام وغسل الأموال.
كما تمكنت مصالح الداخلية من رصد تحركات مشبوهة لعدد من الأسماء المتورطة في محاولات التأثير على نزاهة العملية الانتخابية، بناءً على تقارير ميدانية لأعوان السلطة. في المقابل، عبرت عدة أحزاب عن استيائها من ممارسات بعض المرشحين الذين يوظفون المال لاستمالة الناخبين واستغلال هشاشتهم، في سلوكيات وصفتها بعض الهيئات الحقوقية بأنها شكل جديد من الاتجار في البشر.
ومع تصاعد الضغط الشعبي، وإنذارات وزارة الداخلية الصارمة، تجد الأحزاب السياسية نفسها اليوم أمام اختبار حقيقي للمصداقية والإصلاح الداخلي، حيث سيكون لزامًا عليها إطلاق حملة تطهير واسعة داخل صفوفها، استعدادًا لاستحقاقات انتخابية تسعى الدولة إلى أن تكون نموذجًا للنزاهة والمساءلة السياسية.