أبواب اندثرت وأخرى تغير موقعها، ولم يذكر بعضها إلا في بعض الكتب
يدرك كل من رام دراسة أبواب مدينة مكناس، في ارتباطها مع سيرورة ماضي المدينة أن المسار التاريخي لهذه الأبواب قد ذكر باقتضاب شديد، وبالتالي يظل الاندثار عائقا أمام فهم الحقب التي مرت منها، وكذلك عدم ضبط أماكن وقوعها، وتبقى معرفة بعض هذه الأبواب وأماكنها وبانيها من زاوية تاريخية تبقى معرفة غير مقنعة، محيت اسماؤها من ذاكرة عامة الناس ولم تعد تذكر إلا في بعض المصادر والوثائق الحبسية.
ويمكن جرد هذه الأبواب فيما يلي: أولها باب منصور، وقد سبقت الإشارة إليه، تليها أبواب أخرى منها باب البرادعيين، وباب الخميس، وباب جامع الروى، وباب الرايس، وباب سيدي مسعود، وباب المحنشة، وباب الرحى، وباب مولاي اسماعيل، وباب هري المنصور، يباب ابن القارئ، وباب بريمة، وباب الدار الكبير، وباب الجديدة، وباب سيدي النجار، وباب لالة خضراء، وباب سيدي عمرو، وباب الحجر، وباب الملاح، وباب زين العابدين، وباب البلاصة، وباب ابني امحمد، وباب قصبة هدراش، وباب تيزيمي، وباب القزدير، وباب كبيش، وباب ثلث فحول، وباب الناعورة، وباب العودة، وباب مراح، وباب بوعماير، وباب كناوة، وباب السيبة، وباب دار السمن، وباب عيسى، يباب الستينية، وباب البطيوي.
ومن أقدم هذه الأبواب كما ورد في العديد من البحوث والدراسات: باب زواغة، باب المشاوريين، باب عيسى، باب القلعة، باب دردورة، باب الجديد، ومما أحدثه السلطان المولى إسماعيل وبعض الملوك من بعده باب منصور، وباب ابني امحمد، وباب الخميس، وباب الرايس، وأبواب المشور، وباب كبيش، وباب البرادعيين، وباب الحجر، وأبواب ثلث فحول، وباب العودة، وكلها ماتزال قائمة إلى اليوم وفيما يلي رصد لبعض هذه الأبواب:
* من باب إلى باب:
يعلق ابن زيدان على حديث ابن غازي عن هذه الأبواب بقوله: إنما تكلم ابن غازي على أبواب المدينة القديمة “تاجرارت” الاسم الأول لمدينة مكناس، ولم يتعرض واحد منها لبواب القصبة القديمة، ولا لأبواب القصبة الإسماعيلية سوى باب العلوج الذي ذكره الثاني، فإنه هو باب منصور العلج المعروف بالقصبة. وكذا لم يشر ابن غازي لموقع القصبة المرينية إلا في قوله: “قبل أن تبنى هذه القصبة يعني والله أعلم خارج باب القلعة”.
ولعل ما يفسر هذا النقص الذي يشوب المصادر، هو أن مؤلفيها لم يكن لهم التوطين الطوبوغرافي، إذ يتحدثون عن الأبواب فقط، إما بذكر أسمائها ا أو بدون ذلك يقول ذ. جمال حيمر في دراسته لتاريخ مكناس من التأسيس إلى مطلع العصر الحديث.
باب البرادعيين: تقع شمال المدينة، واحد منافذها الرئيسية، وتطل على حارات مكناس القديمة والفخارين، يضم هذا الباب برجين كبيرين يبلغ عرض كل منهما 7.70 بعلو يصل إلى 15م، وعرض القوس يصل 4.80م.
يربط المدينة بمحيطها، وكان يدخل منه الحجاج عند عودتهم من الديار المقدسة، كما كانوا يخرجون منه طلبا للغيث باتجاه المصلى الذي كان موضع غاية الشباب اليوم.
أشار المؤرخون إلا أنه لا يعرف على وجه الدقة تاريخ بناء الباب الداخلي الذي يقع بجوار جامع البرادعيين الذي أسسه المولى إسماعيل سنة 1112هـ/1709م ويربطه بسور باب البرادعيين الجديدة التي نراها اليوم، ويفهم مما أوردته بعض المصادر أن هذا الباب قد شهد تحولا متتاليا لموقعه فقد هدم حوالي 1097هـ/1986م، وأعيد بناؤه قريبا من موقعه بتاريخ (1107هـ/1695م) حسب إفادة مؤلف “زهرة الأكم” عوض بباب ذي ثمانية عشر قوسا لم يبق منها سوى خمسة أقواس. ويأخذ هذا الباب تسميته من صناع البرادع الخاصة بالبهائم، وهو باب في غاية الارتفاع، ومنه يمكن الخروج إلى ضريح الولي عبد الله بن أحمد، وهو يتصل من جهة اليمين بالسور المحيط بقصبة تيزيمي الممتد إلى باب تيزيمي وإلى مقبرة الشهداء.
باب أبي العمائر: إلى وادي أبي العمائر الذي كان يسمى وادي فلفل نسب هذا الباب الذي كان يقع شمال غربي مقدمة حمرية من جهة باب ضريح سيدي علي منون، أحد رجال العلم والمعرفة، لا أثر له اليوم، كان مركزه يقابل باب دار البارود القائمة الآن، والتي تقايل تقريبا باب المرس نسبة لوقوع المرس الإسماعيلي خارجها. وموقعه بالناحية الشرقية وكان يؤدي إلى عيون بوعماير.
باب المشاوريين: هو الذي بدرب سيدي غريب القريب من مشهد سيدي عبيد المظلوم الموجود على يسار مدخل الدرب المذكور بزنقة الحمامصيين، هدم هذا الباب وبني وراءه غربا باب يسمى باب بريمة ويقال إنه هدم في القرن 17 الميلادي.
باب الرايس: الذي كان يعرف بباب الخلاء، كما حمل اسم باب العمارة، ويعرف كذلك بباب القلعة، أو باب الريح، له 30 قوسا 15 عن اليمين و15 أخرى عن اليسار محمولة على 8 أعمدة حجرية لازالت قائمة.
باب الحجر: لازال يعرف بهذا الاسم، ومنه يمكن المرور إلى حرمة حي الأمل (سيدى النجار سابقا) ومن فوقه يمكن المرور كذلك إلى حومة حي الدريبة.
باب زين العابدين: المؤدي إلى رياض العنبري (حي الرياض اليوم) الذي كبق يسكنه موظفو وأعوان الدولة إبان حكم مولاي اسماعيل. يذكر أن بناءه تم في فترة مولاي زين العابدين، الذي أعلن سلطانا من طرف أهل مكناس والقبائل المجاورة. لم يعد له أثر اليوم، وكان يقع جنوب غرب باب منصوص، وينفتح على ساحة الهديم، وعلى الساحة التي تعرف اليوم باسمه.
باب جامع الأنوار: الواقع بين باب زين العابدين المندثر، وباب منصور العلج. هو من منشآت السلطان المولى إسماعيل بناه عام 1110هـ وقد أكمله وزاد “مشوق” المنقوشة على الزليج في أعلى الباب ضمن أبيات شعرية آخرها:
وقتي “مشوق” كل نفس ودها
تحظى به موصول الآمال
اتخذ الباب التسمية نسبة إلى جامع الأنوار الذي حطمته زلازل فاتح يناير 1755م. ولم يبق من المسجد إلا بابه وأسواره، والباب كان يطلق عليه أيضا باب القشلة، ويرجح البعض هذه التسمية إلى الجنود الفرنسيين الذين اتخذوا أنقاض هذا المكان ثكنة لهم عندما دخلوا مكناس سنة 1911م، وهو باب هدمته السلطات المحلية في أواخر التسعينيات، وأقامت به الملحقة الحضرية لجماعة مكناس بعد أن كان باب مدرسة ابتدائية.
باب الخميس: القائم العين هو أحد أبواب مدينة الرياض، أسسه المولى إسماعيل سنة 1098هـ ويدل على ذلك الزليج الذي يتهج أعلى الباب الذي يشبه في هندسته باب البرادعيين وتعلوه زخارف وأبيات شعرية مطلعها:
أنا الباب السعيد سموت فخرا
سمو البدر في الفلك السعي
ففي وقت سعيد قد بناني
وورخ نشاتي (جود المشيد)
فكلمة “المشيد” المذكورة بالبيت الثاني تعني تاريخ انتهاء البناء ودلالتها بالأرقام 109هـ/1686م.