تواجه مجموعة من مستغلي سيارات الأجرة في المغرب، من الصنفين الأول والثاني، خطر توقيف سياراتهم من قبل السلطات إذا لم يلتزموا بالتصريح بالسائقين والمساعدين العاملين معهم، وفقًا لما حددته الجهات المختصة.
وأعلنت مختلف عمالات الأقاليم في المملكة عن ضرورة تسجيل السائقين لدى أقسام الشؤون الاقتصادية والتنسيق، وذلك بناءً على مقتضيات الدورية الوزارية رقم 444، وبالتحديد البند الثالث منها. وحددت السلطات تاريخ 31 مارس 2025 كآخر أجل لاستكمال هذه العملية، حيث سيتم توقيف أي سيارة أجرة لم يتم التصريح بسائقها رسميًا لدى المصالح المختصة.
وفي إطار جهود تنظيم وتطوير قطاع سيارات الأجرة، وجهت وزارة الداخلية تعليمات صارمة للولاة والعمال لضبط أعداد السائقين العاملين في هذا المجال. ومن بين التدابير المتخذة:
ــ إلغاء رخص الثقة غير المستعملة لضمان استخدامها من قبل المؤهلين فقط.
ــ تعميم رخصة الثقة وبطاقة السائق المهني لضمان مستوى عالٍ من المهنية والكفاءة.
ــ إحداث سجلات محلية لطلبات استغلال رخص سيارات الأجرة، مع تحديد شروط ومعايير واضحة للتسجيل، ما يسهم في تنظيم العقود المستقبلية الخاصة باستغلال سيارات الأجرة.
تهدف هذه الإجراءات إلى تحسين قطاع النقل العمومي عبر سيارات الأجرة، وضمان تقديم خدمات أفضل للمواطنين، من خلال التحكم في عمليات التشغيل، وتنظيم العلاقة بين المشغلين والسائقين، وتعزيز الشفافية في هذا القطاع الحيوي.
وحسب المتتبعين للقطاع فمن المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثيرات متعددة على قطاع سيارات الأجرة في المغرب، حيث سيساهم في:
ــ تعزيز حقوق السائقين: من خلال ضمان تسجيلهم بشكل قانوني، مما يمنحهم حقوقًا مهنية واجتماعية مثل التأمين الصحي والتغطية الاجتماعية.
ــ تحقيق شفافية أكبر: إذ يساعد التصريح الإجباري على الحد من العشوائية وضمان أن جميع العاملين في القطاع يمتلكون المؤهلات المطلوبة.
ــ تقنين استغلال الرخص: حيث يسهم إلغاء الرخص غير المستعملة وإحداث سجلات محلية في توجيه الرخص إلى مستحقيها، ما يمنع الاحتكار والاستغلال غير القانوني.
ــ تحسين جودة الخدمة: بفضل تعزيز كفاءة السائقين، سيتمكن المواطنون من الاستفادة من خدمات نقل أكثر أمانًا وتنظيمًا.
ولاقى هذا القرار ردود فعل متباينة في أوساط المهنيين والمواطنين:
ــ الداعمون للقرار يرون فيه خطوة ضرورية لتنظيم القطاع وحماية السائقين من الاستغلال، إضافة إلى تحسين جودة النقل العمومي.
ــ المعارضون يعبرون عن مخاوفهم من تعقيد الإجراءات وزيادة الأعباء المالية على مستغلي سيارات الأجرة، خاصة الذين لم يقوموا مسبقًا بالتصريح بالسائقين.
يعد قرار إلزامية التصريح بالسائقين في قطاع سيارات الأجرة بالمغرب خطوة مهمة نحو تقنين هذا المجال وضمان حقوق العاملين فيه، إلى جانب تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين. ورغم التحديات التي قد تواجه تطبيقه، فإن الالتزام بهذه الإجراءات سيؤدي في النهاية إلى تنظيم أكثر كفاءة لهذا القطاع الحيوي.
رغم الأهداف الإيجابية التي تسعى إليها السلطات من خلال فرض التصريح الإجباري بالسائقين، إلا أن هناك عدة تحديات قد تعيق التنفيذ السلس لهذا القرار، وفي حالة تأخر الامتثال للقانون قد يواجه بعض مستغلي سيارات الأجرة صعوبات في الامتثال للقرار قبل المهلة المحددة (31 مارس 2025)، خاصة في ظل تعقيدات إدارية محتملة أو عدم توفر الوثائق المطلوبة.فقد يلجأ بعض المستغلين إلى حلول غير قانونية لتجنب التصريح الرسمي، ما قد يؤدي إلى استمرار بعض التجاوزات.وقد يتطلب تنفيذ القرار مراجعة شاملة لعقود الاستغلال والرخص المعتمدة، وهو ما قد يستغرق وقتًا طويلًا ويحتاج إلى تنسيق مكثف بين مختلف الجهات المعنية.
لتجاوزهذه التحديات وضمان التنفيذ الفعّال للقرار، يمكن للسلطات اتخاذ بعض الإجراءات المرافقة، كإطلاق حملات توعوية، لتعريف مستغلي سيارات الأجرة والسائقين بأهمية التصريح وفوائده.وتقديم تسهيلات إدارية ،كتبسيط إجراءات التسجيل لضمان امتثال أكبر عدد ممكن من العاملين في القطاع.
تعزيز الرقمنة في الخدمات الإدارية بحيث يصبح من الممكن إجراء عمليات التصريح وتجديد التراخيص إلكترونيًا، مما يخفف الضغط على الإدارات المحلية ويسرّع الإجراءات.
في حال تطبيق القرار بشكل صحيح مع اتخاذ التدابير اللازمة لدعم العاملين في القطاع، فمن المتوقع أن يشهد قطاع سيارات الأجرة في المغرب تحسنًا ملحوظًا في عدة جوانب، مثل:
ــ زيادة الاحترافية والجودة في الخدمات، مما ينعكس إيجابيًا على راحة المواطنين.
ــ تحقيق توازن بين العرض والطلب، من خلال تنظيم أعداد السائقين وتوزيع الرخص بشكل أكثر عدالة.
ــ تحفيز الاستثمار في النقل العمومي، حيث يمكن أن يفتح التنظيم الجيد المجال أمام مبادرات جديدة في النقل التشاركي أو تطوير سيارات الأجرة الحديثة.
يمثل قرار فرض التصريح بالسائقين خطوة جريئة نحو إصلاح قطاع سيارات الأجرة في المغرب، وهو ما سيؤدي إلى تحسين ظروف العمل للسائقين وتعزيز شفافية الخدمات. ومع ذلك، فإن نجاح هذا القرار يعتمد على مدى تعاون جميع الأطراف المعنية، سواء الجهات الرسمية أو المهنيين، لضمان الانتقال السلس نحو قطاع أكثر تنظيمًا وفعالية.