مستجدات

الشاي المشروب الوطني (2)

[ALLNEWS]2 يونيو 2021
الشاي المشروب الوطني (2)

2 ــ  انتشار نبتة الشاي في بلدان المعمور

عبر الأزمنة والحقب والمقاصد والدلالات وفي المخيال الاجتماعي

رحلة الشاي من الصين إلى أوربا

يعود اكتشاف مادة الشاي ،كما سبقت الإشارة إليه في الموضوع السابق ،إلى الشعب الصيني،وتحديدا في جنوب غرب الصين “حسب الروايات الأكثر تداولا”حيث بدأ مشروبا طيبا اهتم به الإمبراطور “شين وانق “،بعد أن اكتشف بالصدفة تأثير أوراق الشاي في الماء الساخن( الرواية)ثم تطور ليصل إلى أوربا في القرن السابع عشر ،بعد أن كان قد انتقل إلى اليابان والهند التي أسهمت في انتشاره الواسع في المشرق .ومن أهم الدول المنتجة له الصين والهند واليابان واندونيسيا وسيلان .أما أهم الدول المستوردة له بريطانيا ،والولايات المتحدة الأمريكية ،وروسيا ، واستراليا.ولا زالت بعض شعوب العالم تهتم حتى العصر الحاضر بهذه النبتة السحرية .

كيف وصل الشاي إلى أوربا؟

تتفق بعض المصادر أن الشاي انتقل إلى أوربا قي القرن 17 م عن طريق الهولنديين الذين أول من أحضروا الشاي الأخضر إلى القارة العجوز ،وكانت أول شحنة وصلت إلى أوربا عام 1610م ،ويعود الفضل في ذلك إلى الملكة كاترين البرتغالية الأصل في نقل الشاي إلى الطبقة الأرستقراطية الأنجليزية ،عندما تجوزت تشارلز الثاني في 1622م ،وبموجب هذا الزواج منحت البرتغال أنجلترا حق استخدام موانئها في مستعمراتها بإفريقيا وآسيا ،ودخل الشاي انجلترا عن طريق التجارة الجديدة .

ومع عودة تشارلز الثاني مع زوجته البرتغالية إلى العرش ،بعد أن عاشا في هولندا خلال فترة المنفى ،بدأ بشرب الشاي بكثرة ،ومع نهاية القرن 17 أصبح المشروب الوطني في أنجلترا ،خصوصا مع تربع الملكة على العرش البريطاني ،وبحسب موقع مختص في “الشاي بعد الظهر “على الأنترنت ،جاء أنه خلال هذه الفترة ،اشتكت الدوقة السابعة لبيدفور “أنا “من الشعور بالنوم بعد الظهر ،وكان الحل بالنسبة إليها هو تناول فنجان من الشاي ،وبعد ذلك أصبحت الدوقة تدعو بعض صديقاتها وأصدقائها إلى شرب الشاي معها،وقد التقط أصحاب الطبقات الراقية هذا التقليد الذي أصبح ذا مكانة رفيعة في المجتمع، وبدأ تناوله أول النهار ،وما بعد الظهر ،وكانت الفنادق تقدمه في آخر النهار،مثلها في ذلك الطبقة الفقيرة والمتوسطة .

ويمكن وصف الشاي بأنه المشروب الوطني في ابريطانيا ،وأصبح اسم الشاي هناك لا يشير فقط إلى المشروب، بل إلى الوجبة الخفيفة التي يتناولها البريطانيون بعد الظهر .ويفضل الأنجليز شرب الشاي الأسود ،وشاي الياسمين الصيني ،وانتشر مؤخرا شرب الشاي الأخضر الياباني مع إضافة السكر أو الحليب أو الليمون ،ويكثر شرب الشاي عندهم في الآونة الأخيرة في أوقات محددة مثل “شاي الفراش “في الصباح الباكر ،وشاي الحادية عشر صباحا ،وآخر في وقت متأخر من الليل .

وتضيف المصادر أن الشاي في ابريطانيا إبان القرن 17 كان يباع بسعر مرتفع ،حيث بلغ إلى مستوى 22 جنيها أستراليا للكيلو الواحد ،ما يعادل ألفي جنيه استرليني في الوقت الحاضر ،حيث كان في البداية يستخدم حتى في العلاج ،ولما زاد الإقبال عليه في بداية القرن 18 ،فرض التاج الملكي ضريبة على استيراده بلغت 119 في المئة ،مازاد في ارتفاع سعره ،ومضاعفة نسبة تهريبه إلى ابريطانيا ،والغش فيه بعد إضافة إليه أوراق الصفصاف.وبقي الوضع كذلك إلى سنة 1784م حيث صدر قانون تخفيض الضريبة إلى 12 في المئة ،الأمر الذي ساهم في إيقاف عمليات التهريب والغش حتى سنة 1975 عندما صدر قانون أخر يفرض عقوبات صارمة على كل من ثبت في حقه بيع أو شراء أو غش في الشاي .

وبقي الشاي في ابريطانيا المشروب الأول دون منازع بعد تلك الحقب ،مما أدى إلى التراجع إلى حد ما عن شرب الخمر .وقد دخل الشاي في العادات اليومية للعائلات ،حتى أصبح طقسا يعرفه الجميع ،وهو شربه في الخامسة مساء بعد الظهر ،وأصبحت المحلات التي تقدم الشاي هي الأكثر شهرة على عكس الحانات ،وساهم الشاي في خروج المرأة إلى الأماكن العامة ،وسهل عليها إقامة علاقات مجتمعية ،حيث أصبح الشاي مرافقا لحركة تحرر المرأة .وبحسب آخر إحصائيات أن الشعب البريطاني يستهلك ما يزيد عن 60 مليار كوب شاي سنويا ،بمعدل 2 كلغ من الشاي للفرد الواحد في العام ،الأمر الذي يدعو للتساؤل عن سبب هذا الإقبال المتزايد على الشاي في بريطانيا ،وما التأصيل التاريخي لهذه المادة في هذا المجتمع؟.

ويشار كذلك إلى أن الشاي انتقل من الصين إلى اليابان والهند عام 1836 م وسيريلانكا عام 1867م،وتركيا أسهمت في انتشاره في الشرق ،وكذلك انتقل إلى  باكستان وسيلان وأندونيسيا .أما في روسيا دخل الشاي عن طريق استيراده من الصين عبر منغوليا حيث عرف ذلك بطريق الشاي ،وبقي يستورد حتى إنشاء خط حديدي العابر لسربيا عام 1880م ،وحينها بدأ كذلك نقله من الهند وسيلان.

الشاي في فرنسا

دخل الشاي إلى فرنسا قبل انجلترا بحوالي 22 سنة تقول إحدى الدراسات ،والحجة في ذلك ما جاءت به نشرة “شي ميوز ” TEA MUSE البريطانية ،المستندة على كتابات الفرنسية  “مدام سيفين ” أهم مؤرخة في التاريخ الاجتماعي الأوربي في القرن 17 ،حيث حددت فترة دخول الشاي إلى أوربا في القرن 17 الميلادي ،وفي رواية أخرى تشير إلى أن الشاي وصل فرنسا عام 1636م . وفي التقصي التاريخي يذكر أن تاجرا عربيا حمل خبر الشاي إلى أوربا،وأصبحت فرنسا مولعة به ،وبدأت الطبقات الأرستقراطية الفرنسية تشربه بكثرة خصوصا وأن الملك السادس عشر، كان يعتقد أن شربه يساعده على التغلب على مرض النقرس .

وعلى الرغم من أن الشاي انتشر في جميع دول العالم ،إلا أنه ظل في بعض البلدان الأوربية مرفوضا بشدة ،على خلفية تحريمه من طرف الكنيسة ،على اعتبار أن شربه يفسد الأخلاق لدى الرجال ،بعدما أصبح يشرب رفقة النساء في المجاميع. وقد لعب الشاي دورا أساسيا في الثقافة الأسيوية والأوربية لعدة قرون ،باعتباره من المشروبات الأساسية والعلاجية ،ورمزا للمكان ،سواء كانت أساطير ظهوره في هذه القارات واقعية أم يكتنفها نوع من الشك .لذلك يمكن الجزم بأن الشاي أصبح يستهلكه ثلث سكان العالم ،وكان أقدم دليل على استهلاكه منذ القدم، نص يعود إلى سنة 59 ق.م، لكن لم يكن لدى العلماء دليل ما يدل على استهلاكه قبل عصر أسرة سونغ التي حكمت الصين بين عام 960 و1279م.

الاخبار العاجلة
error: تحذير: المحتوى محمي