صرّح السفير الجزائري في دمشق بأن هناك 500 مواطن جزائري محاصرين في مدينة حلب، التي تعد ثاني أكبر المدن السورية وتشهد تصعيدًا عسكريًا شديدًا نتيجة هجوم شنته المعارضة المسلحة.
وأكد السفير، خلال مقابلة مع إحدى القنوات الجزائرية، أن السفارة على تواصل مستمر مع المحاصرين، موضحًا أنه لم تسجل أي وفيات بينهم حتى الآن، ومشدّدًا على استعداد السفارة للتحرك عند الحاجة. ووصف السفير الوضع العام في سوريا بأنه “مثير للقلق“.
ورغم امتناعه عن الإفصاح عن هوية المحاصرين، أفادت تقارير ميدانية بأن المجموعة تضم عناصر عسكرية جزائرية تم إرسالهم مؤخرًا إلى سوريا لدعم قوات النظام السوري تحت قيادة إيرانية بقيادة شخص يدعى “الحاج هاشم”، الذي قُتل في بداية العمليات العسكرية بحلب.
ووفقًا للتقارير، فإن معظم المحاصرين ينتمون إلى جماعة البوليساريو المسلحة ويحملون جوازات سفر جزائرية. وأوضحت التقارير أن هؤلاء العناصر نُقلوا إلى حلب بدعم إيراني لتلقي تدريبات عسكرية بهدف تعزيز خبراتهم قبل العودة إلى تندوف لاستخدامها في عمليات تستهدف الأراضي المغربية.
من جانبه، كشف فهد المصري، رئيس جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا، قبل أسبوع، عن دور الحرس الثوري الإيراني في نقل نحو 200 عنصر من مرتزقة البوليساريو إلى مواقع استراتيجية في جنوب سوريا خلال السنوات الثلاث الماضية. وشملت هذه المواقع مطار الثعلة العسكري وكتيبة الدفاع الجوي في السويداء واللواء 90 قرب الجولان.
وأشار المصري إلى أن هذه التحركات تأتي ضمن خطة إيرانية تهدف إلى تعزيز نفوذها الإقليمي، حيث خضع عناصر البوليساريو لتدريبات مكثفة في ريف درعا لتعزيز قدراتهم العسكرية في المنطقة.
تُظهر هذه التحركات تنسيقًا إقليميًا واسعًا بين الحرس الثوري الإيراني وجماعات مسلحة مثل البوليساريو، مما يثير تساؤلات حول الأهداف بعيدة المدى لهذه الخطط. فإرسال عناصر من البوليساريو إلى سوريا، وتدريبهم عسكريًا على أيدي الإيرانيين، يعكس رغبة إيران في استخدام هذه العناصر كأداة لتعزيز نفوذها في مناطق الصراع، سواء في الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا.
ويشير محللون إلى أن هذا التعاون بين الجزائر وإيران يعكس أيضًا تحالفًا استراتيجيًا يهدف إلى تعزيز المصالح المشتركة للطرفين. فمن جهة، تسعى إيران إلى تقوية وجودها العسكري والسياسي في سوريا ودعم حلفائها، ومن جهة أخرى، قد تستفيد الجزائر من هذه التدريبات لدعم أنشطتها الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بالصراع مع المغرب.
ويُتوقع أن تؤدي هذه التطورات إلى تعميق التوترات في المنطقة، خاصة مع زيادة التقارير حول استخدام عناصر من البوليساريو في مناطق أخرى من النزاع. ويرى مراقبون أن هذا التنسيق يعكس توجهاً أوسع لتوسيع رقعة الصراعات خارج حدودها التقليدية، مما يهدد الاستقرار الإقليمي ويضع المجتمع الدولي أمام تحديات جديدة.
تظل هذه التطورات محط اهتمام دولي وإقليمي، حيث يتزايد الضغط لفهم الأبعاد الخفية لهذه التحالفات العسكرية وأثرها على خارطة النزاعات في المنطقة.