هل غادر الشعراء من متردم؟
بهذا الشطر الشعرى تبدأ معلقة الشاعر الكبير عنترة ابن شداد، لكن هذه الكلمات بعد ذلك صارت سؤالا للكتاب والمبدعين، عندما يريدون أن يقولوا بأن كل شيء قد كُتب وليس هناك جديد في أي شيء، وأن ما يقولونه قد قاله الأقدمون من قبل.
يبدو أن الشعر العربي بدأ يتخلى عن أسلوبه القديم ، وبدأ يكتسب ثوب الحداثة في بناء القصيدة فأخذت تنتشر بعد الشعر الحر، أو شعر التفعيلة قصيدة النثرالتي تعتني بالرمزية في إيصال الصورة للمتلقي مما حدد نوعية الفئة المستهدفة من هذا الشعر مما أفقد الشعر العربي الكثير من جمهوره .
فقصائد المتنبي والجواهري وأبو تمام والبصير وشوقي وغيرهم كثير، بنيت بناء عربيا خالصا بناء ثقافيا ولغويا ، فالصورة البلاغية تجعل المتلقي الاعتيادي يتفاعل معها بشكل أكبر وأعمق مما يتفاعله المتلقي بالقصيدة النثرية، وتجعل من المتلقي غير النخبوي محتارا كتلميذ يطرح عليه المعلم سؤلا لا يعرف إجابته ، فيبقى حائرا خجلا أمام معلمه وأمام أقرانه ، مثلما يبقى المتلقي مضطربا أمام النص الموغل بالرمزية والإبهام.

لكن هذا لا يمنع من وجود شعر غاية في الطرح والأسلوب والبيان وسهولة إيصال المعنى للمتلقي ، وإذا ما علمنا أن اللغة العربية لغة ثرية مطواعة تمنح نفسها للمفكر والكاتب بكل سلاسة وطراوة ..
والحقيقة هناك تصريحات للمفكرين العرب ، يؤكدون أن قيمة كل قوم بقيمة لغتهم إلا العرب فقيمة لغتهم أعلى منهم ، حيث إنها اللغة الابتدائية أو اللغة رقم واحد ، فاللاتينية أخذت عنهم وبقية اللغات كذلك وكذلك هي محفوظة بحفظ القرآن الكريم ..
إن لهذه اللغة أثرا كبيرا في أن تحفظ التراث الأدبي والشعري العربي ،والاعتقاد السائد أن أدباءنا مازالوا قادرين على أن ينتجوا أدباً خالداً ، فمازال بيننا شعراء يكتبون مثل السياب والجواهري وشوقي والبياتي وغيرهم من الذين أثروا المكتبة العربية والساحة الأدبية بروائع ستبقى خالدة لأجيال ماثلة وحاضرة للذين سيأتون وسينهلون من هذا العطاء الوافر، الذي لا تجده على مر العصور في أي دولة غير عربية ، فهل مازال الشعر العربي قادرا على تحقيق الخلود والاستمرارية بنفس الوثيرة التي نهجها الشعراء الأقدمون؟.