لم يستطع المواطن البسيط مقاومة ارتفاع أثمنة المواد الاستهلاكية الأساسية التي يحتاج إليها من دقيق وزيت وقطاني وعجائن وغيرها، والتي عرفت زيادات متتالية اكثر من خمس مرات خلال الأشهر الأخيرة. ففي الوقت الذي كان المواطن الكادح المقهور يطالب ويناشد الدوائر المسؤولة بالتخفيف من معاناته اليومية، يجد نفسه صريعا أمام الطعنات المسمومة والمتمثلة في الزيادة في الأسعار، وارتفاعها الدائم والمتواصل، دون اعتبار وضعية المواطنين الاجتماعية والمادية لذوي الدخل المحدود، بل ودون احترام مواطنتهم وكرامتهم، وذلك بإشعارهم على الأقل بارتفاع الأثمنة وتبرير سبب ذلك.
لقد ألف المواطن تلك الزيادات ينزعج قليلا أو كثيرا ويهمهم بكلمات أمام الدكان، ثم يعود ليشتري حاجته ولو بتقليص كميتها، مفوضا أمره إلى الله تعالى، ليمضي بعد ذلك مسلسل تصاعد الأسعار في حلقاته المتواصلة “المضحكة المبكية” في غفلة من المواطنين.
إن المسؤولية تتحملها الحكومة المنتهية صلاحيتها التي سنت قانون حرية الأسعار والمنافسة دون أن تلتزم بتطبيقه والسهر علية، بما يضمن حقوق المستهلك وتحميه من كابوس ارتفاع الأسعار. ويبقى على الكومة الحالية تصحيح هذا الاختلال.
فهل سيبقى هذا المسلسل يبث حلقاته حتى مع هذه الحكومة الجديدة؟ ـ التي تعشم فيها المواطنون خيرا ـ والعمل على إيقافها أو على الأقل مراجعتها، مراجعة تراعي وضعية المجتمع الاجتماعية والمادية؟ وهل ستستمر الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني في غيابها عن المواطنين، منشغلة بمشاكلها وقضاياها الداخلية؟ أليس الحد من ارتفاع الأسعار من أولوياتها المعلنة في برامجها الانتخابية، التي حصدت بها الأصوات وبوأتها مراكز متقدمة؟ أليست هي التي تؤطره؟ أليس أقطابها وأعضاؤها أكدوا في أكثر من مناسبة انتخابية وغيرها، بأن شغلهم الشاغل هو خدمة وتحسين وضعية المواطنين؟. إن على الفعاليات الصادقة أن تبادر بكل ما من شأنه أن يساهم في التخفيف من معاناة المواطنين، وأن تسعى عاجلا إلى إغلاق فم ذلك الغول، غول ارتفاع الأسعار المتواصل، الذي أمسى يعض كل بسطاء هذا البلد الذي يزخر بالخيرات ،الفوسفاط والمعادن والفلاحة والأسماك .